جريمة التنقيب عن الآثار بين الواقع والقانون....
للمستشار / هشام عبد الرازق ـ المحامي
عضو نادي قضاة التحكيم الدولي
إن ظاهرة التنقيب عن الآثار بحثا عن الثراء
السريع وغير المشروع والاستعانة بالدجالين
والمشعوذين من اجل إخراج الكنز المدفون ......
وشراء مواد بخور بأسعار باهظة ومعظمها من أمور النصب التي تحدثت
عنها في مقالي السابق والتي يستخدمها الدجال والمشعوذ ( ما يطلق عليه الشيخ ) لإيهام
ضحاياه بالقدرة الفائقة والخرافية وانه (
يا ما هنا وياما هناك ) مع انه ( أخيب الناس) ومع الأسف نجد مغفلين يسيرون ورائه
ويطيعونه في كل كبيره وصغيره .... وما ذلك
إلا من اجل الثراء حتى ولو كان ذلك غير مشروع ... عزيزي القارئ لا تنخدع بمثل هؤلاء فقد تم تعديل القانون فالعقوبة
هنا أصبحت جناية كما سنبين بعد قليل :
كثير من الناس يبحثون عن الثراء
السريع، وهنا تأتي فكرة
التنقيب عن الآثار التي هي أكثر مكسب من الاتجار بالمخدرات والسلاح
مثلاً. فتمثال أثري واحد صغير الحجم يمكن أن يباع بملايين الدولارات. أي
أن
إغراء المال
يدفع الناس إلى فعل أي شيء منها التنقيب
والاتجار في الآثار.
وهؤلاء الباحثون عن الآثار أما أنهم مرضى
نفسيون وانصحهم بالعلاج وأما أنهم مجرمون حقيقيون لا يدفعهم إلى ذلك إلا حب
المال ولو كان حراما وتجارة الآثار والتنقيب عنها جريمة كتجارة المخدرات والسلاح
سواء بسواء .
وأعتقد أن
سبب هذه الظاهرة هو الإعلام والتلفاز وكذا
ما يذاع من أفلام ومسلسلات ساهمت بشكل
كبير في إظهار فكرة الثراء السريع عن طريق الحفر عن الكنوز الأثرية، إلى حد من المرض والجهل في الاستعانة بالجن
والدجالين ويقنع نفسه بالدجال بحجة ( دا شيخ روحانى مش سفلى ) مع انه كله
خزعبلات .... ولذلك على أجهزة الإعلام
مسؤولية كبيرة في توعية المواطنين بعدم الانسياق وراء هذه الأوهام والأكاذيب التى
نهايتها غير حميدة.
عمليات التنقيب تتم عن طريق نصابين ودجالين يوهمون
الناس أنهم عندهم قدرة على معرفة مكان الآثار
تحت الأرض وأنه
يستطيع إخراجها عن طريق الخدمة التي تطيعه على إخراج المدفون من الكنوز ..... (وعجبا لمن يصدق ذلك وينساق وراءهم ) ويأمرهم الدجال بشراء البخور( أو إعطائه المال
لشراء البخور ) من أجل طرد حارس الجن الموجود بها او تكتيفه او إحراقه او .......وهكذا تبدأ خطوات النصب وإذا فشل الدجال فى استخراج الآثار(وهذا ما
يحدث ..) يترك المكان بأي حجة للخروج سالماً من بين من قاموا بالتنقيب.
العقوبة
في القانون بعد التعديل الأخير .....
واجبنا كرجال قانون إن
نوضح لمثل هؤلاء العقوبة التي غلظها القانون( لان الجهل بالقانون لا يعفى من العقوبة).....إن نصوص القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثارـ والمعدل بالقانون 3
لسنة 2010
المادة 44 من هذا تنص على أن يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن
خمسين ألف جنيه ولا تزيد
على مائة ألف جنيه كل من قام بأعمال حفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص أو اشترك فى ذلك ويعاقب بالسجن المؤبد
والغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه إذا كان الفاعل
من العاملين بالمجلس الأعلى
للآثار أو من مسئولى أو موظفى أو عمال بعثات الحفائر أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو من عمالهم.....
بمعنى أن الجريمة أصبحت جناية وتصل فيها العقوبة للأشخاص العاديين الى 15 سنه
وغرامه مائة الف ... ولكن الأصعب من ذلك أن هذه العقوبة أيضا في حالة التنقيب فقط
حتى ولو لم يجد اى آثار ولا يشترط أن يكون التنقيب في اموال الدولة أو الأفراد (
فيكفي ان يكون في منزل او ارض ملك شخص عادى ) .... ويتم مصادرة الأدوات والمعدات
وأيضا السيارات الموجودة أثناء عملية الحفر...... فهي بذلك كتجارة المخدرات تماما....
والسؤال : ما هو الموقف القانونى لمن وجد اثرا
( تمثال مثلا ) عن طريق الصدفه ....
الجواب : طبقا لنصوص هذا القانون المادة 24
تنص"" كل من يعثر مصادفة على أثر منقول أو يعثر على جـزء أو أجزاء من أثر ثابت فيما يتواجد به من مكان أن يخطر بذلك
أقرب سلطة إدارية خلال ثمان وأربعين
ساعة من العثور عليه وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه السلطة المختصة وإلا أُعتبر حائزاً لأثر بدون ترخيص ، وعلى
السلطة المذكورة إخطار الهيئة بذلك فوراً "".
وفي النهاية لابد من ترك كل هذه التفاهات حتى ولو كان الفقر هو سبب الجري ورائها فان العقوبة
رادعة بما يكفى فلا تعرض نفسك واسرتك الى
الضياع......