سلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة
للمستشــار / رشيــد عــــدان
عضــو
نـادي قضاة التحكيم الدولي ـ المغـرب
أعطى
المشرع للقاضي الجنائي سلطة تقديرية في تقرير العقوبة الزجرية تحدث عن هذه السلطة
و محدداتها ، ســــواء من جــانب التشديــد أو التخفيـف
يقصـــد
بمبدأ الشرعية ؛ أن يخضع الأفـــراد والدولة لأحكام القانون وأن لا يتم الخروج عن
حدوده ، ومن مقتضيات هذا المبـــدأ احترام إرادة الفرد وإخضاع تصرفاته لأحكام
القانون وبالتالي فلا يمكن تجريم أي فعل كيفما كان إلا بوجود نص قانوني يجرمه
ويعاقب عليه.
ولتحقيق
هذا الغرض يستوجب وجود قانون جنائي يتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي يعبر
من خلالها المشرع عن إرادته في تحديد الأفعال التي يراها مجرمة وتحديد الآثار
القانونية المترتبة عنها تطبيقا لمبدأ الشرعية الجنائية الذي يعد أساس المحاكمة العادلة
وتحقيق العدالة الجنائية.
هذا
وقد حاز هذا المبدأ من العناية والاهتمام والرسوخ ما جعله مبدأ عالميا أخذت به جل
التشريعات الجنائية
وقد
كرس المشرع المغربي هذا المبدأ في الدستور المغربي كقاعدة عامة ، وذلك في الفصل
110 ومن جهته أيضا فقد احتضن المشرع الجنائي المغربي هذا المبدأ وكرسه في الفصل
الثالث من المجموعة الجنائية إضافة إلى ذلك فقد منح المشرع للقاضي سلطة تقديرية في
تقرير الجزاء حسب ملابسات كل قضية ومن تم نتساءل حول سلطة القاضي الجنائي في تفريد
العقاب وحدود هذه السلطة في ظل مبدأ النصية ؟
وللإلمام
بهذا الموضوع سنقسمه إلى مطلبين نعالج في مطلب أول التفريد القضائي للعقوبة ، وحدود سلطة القاضي كمطلب ثاني
مطلب أول: التفريد القضائي للعقوبة
إذا
كان المشرع حدد سلفا العقوبة الملائمة لكل جريمة بين الحد الأدنى والأقصى فانه ترك
السلطة التقديرية للقاضي من أجل التصرف بين الحدين الأدنى والأقصى (أولا) ولم
تقتصر سلطة القاضي على دلك فقط ولكنه يمكن له أن ينزل بالعقوبة عن حدها الأدنى
عندما يمتع المتهم بظروف التخفيف كما أنه أحيانا يمكن له أن يوقف تنفيذ العقوبة(
ثانيا )
"
أولا سلطة القاضي في التصرف بين الحدين
الأدنى والأقصى "
خول
المشروع في مجال تقدير العقوبة القاضي بسلطة تقديرية واسعة وذلك ليختار منها ما
يراه مناسبا ومتماشيا مع مصالح المجرم والمجتمع في آن واحد فأعطاه بذلك حرية تقدير
العقوبة وتحديدها بين حد أقصى وأدنى ويجمع المهتمون بميدان التجريم والعقاب على أن
العلة الحقيقية لهذا التصرف هي التوزيع المنطقي المتوازن للاختصاص بين التفريد
التشريعي والتفريد القضائي على وجه يتحقق فيه التنسيق بين المصالح الاجتماعية
والفردية.
ثانيا : ظروف التخفيف القضائية "
ثانيا : ظروف التخفيف القضائية "
لم
يحدد المشرع الظروف المخففة في القانون عكس الأعذار القانونية ولم يضع ضوابط تعين
القاضي على استنباطها بل ترك ذلك كله لحسن تقدير هذا الأخير بحيث يستطيع منحها في
أية جريمة جنائية كانت أم جنحة أو مخالفة وذلك تبعا لظروف ارتكابها أو ظروف
مرتكبها .
فقد نص الفصل 146/ف على أنه إذا تبين للمحكمة الزجرية بعد انتهاء المرافعة في القضية المطروحة عليها أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف إلا إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك .
فما هو نطاق هده الظروف ؟وما هي حدود سلطة القاضي في منحها؟ وما هو أثارها على العقوبة ؟
فقد نص الفصل 146/ف على أنه إذا تبين للمحكمة الزجرية بعد انتهاء المرافعة في القضية المطروحة عليها أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف إلا إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك .
فما هو نطاق هده الظروف ؟وما هي حدود سلطة القاضي في منحها؟ وما هو أثارها على العقوبة ؟
لقد
سبق القول بأن المشرع حدد ظروف التشديد وحدد الأعذار القانونية المخففة والمعفية
من العقاب .لكن ومن أجل وضع مقياس حقيقي للعقوبة فانه لم يكتفي بذلك ولكنه منح
القاضي سلطة منح ظروف التخفيف هده الظروف تسمى بظروف التخفيف القضائية لأنها لا
تكون محددة سلفا .
وتخول هذه الأخيرة للقاضي سلطة النزول عن الحد الأدنى المقرر للعقوبة حيث تمثل ا امتياز آخر للقاضي الجنائي ارتأى المشرع من خلاله استكمال بنيان نظام التفريد القضائي و أحيانا رغم تمتيع القاضي المتهم بظروف التخفيف فان العقوبة تبقى قاسية بالنسبة إليه خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بجريمة بسيطة وكان المجرم غير متعود على الأجرام ومن هذا المنطلق منح المشرع للقاضي سلطة وقف تنفيذ العقوبة بعد النطق بها حيث نص على ذلك في المواد من 55 إلى 58 ق.ج.
وتخول هذه الأخيرة للقاضي سلطة النزول عن الحد الأدنى المقرر للعقوبة حيث تمثل ا امتياز آخر للقاضي الجنائي ارتأى المشرع من خلاله استكمال بنيان نظام التفريد القضائي و أحيانا رغم تمتيع القاضي المتهم بظروف التخفيف فان العقوبة تبقى قاسية بالنسبة إليه خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بجريمة بسيطة وكان المجرم غير متعود على الأجرام ومن هذا المنطلق منح المشرع للقاضي سلطة وقف تنفيذ العقوبة بعد النطق بها حيث نص على ذلك في المواد من 55 إلى 58 ق.ج.
مطلب ثاني : حدود سلطة القاضي
سنحاول أن نعطي صورة عن الرقابة على سلطة القاضي ثم مبدأ الشرعية للقاضي في توقيع الجزاء
الرقابة
القضائية على سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء .
إن
منح القاضي الجنائي سلطة تقديرية في اختيار الجزاء المناسب وذلك بمراعاة العوامل
النفسية والاجتماعية الكامنة في شخص المجرم قد يعرضه للخطأ في تقدير الجزاء نظرا
لكون المشرع لم يضع أمام القاضي معايير دقيقة ترشده في أداء مهمته رغم وجود درجات
للقاضي وهذا لا يمنع من صدور أحكام متفاوتة في قضايا متشابهة نتيجة توسع السلطة
التقديرية للقاضي بحكم ضرورة تفريد الجزاء وهذا ما يؤكد على ضرورة إيجاد معايير
قانونية تساعد القاضي على إيجاد الجزاء المناسب،وهذا ما دفع عدة تشريعات إلى إخضاع
السلطة التقديرية للقاضي للمراقبة.
فتسبيب
الحكم كما عرفه الدكتور أحمد الخمليشي هـي " العناصر والأدلة التي تعتمدها
المحكمة لتبرير منطوق الحكم التي تصدره" ، كما يعتبر هذا التسبيب ذوا أهمية
بالغة، فهو من ناحية يعتبر ضمانا لمصلحة الخصوم ،إذ يقتضي أن يمكن القاضي من النظر
والتدقيق في البحث حتى يستطيع أن يصل إلى المقررات التي تؤدي منطقيا إلى الحقيقة
التي يعلنها في منطوق الحكم، وبذلك يدرأ عنه الثأر العاطفي الذي لا أساس له من
الواقع بوجهة دون وجهة، ومن ناحية أخرى، فإن تسبيب الأحكام يتيح التعرف على
الأسباب التي استند إليها القاضي في حكمه، فإن اقتنعوا بها تقبلوا الحكم واثقين في
عدالته وإن لم يقتنعوا سلكوا سبيل الطعن المتاح لهم، فضلا عن ذلك فإن تسبيب
الأحكام يمكن المحكمة التي يطعن أمامها في الحكم من تفهم مرامي الحكم وأساسه بما
يسر لها الفصل في هذا الطعن وفق طرق الطعن غير العادية المنظمة في قانون المسطرة
الجنائية .
فإذا كان المشرع المغربي انطلاقا من المادة 141 قد آمن بـمبدأ التفريد واخذ به شأنه في ذلك شأن التشريعات المعاصرة إلا انه أوكل إلى القاضي سلطة مقيدة ونسبية حينما منحه الحق في التفريد وفـق حـدين أقصى وأدنـى .
لكن الإشكال هنا يطرح على مستوى غياب معايير دقيقة يهتدي بـها القاضي في تقدير الجزاء مع إمكانية مراقبة هذا التفريد من طرف هيأة تسهر على إعمال المراقبة كما هو الحال في التشريع الليبي، ليطرح هذا المنوال حول رهانات إمداد هذه الرقابة إلى هيأة عليا يكون لها قوة رقابية تمتد إلى مسائل القانون والموضوع .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن سلطة القاضي التقديرية تجد حدها بمبدأ النصية حيث تقيد سلطة القاضي وتحظر عليه امكاينة تفسير النص القانوني أو التوسع في تأويله أو إتمام قاعدة ناقصة مع وضع استثناء في ذلك هو إمكانية التفسير لكن بشكل ضيق ولصالح المتهم ، أضف إلى ذلك فقد وضع المشرع للقاضي قواعد جنائية يهتدي بها في حالة تنازع قاعدتين أو أكثر وذلك بتطبيق النص الكامل على النص القصير والنص والتام على الناقص والخاص على العام .. وبالتالي يصبح القاضي مجرد موزع آلي للجزاء.
فإذا كان المشرع المغربي انطلاقا من المادة 141 قد آمن بـمبدأ التفريد واخذ به شأنه في ذلك شأن التشريعات المعاصرة إلا انه أوكل إلى القاضي سلطة مقيدة ونسبية حينما منحه الحق في التفريد وفـق حـدين أقصى وأدنـى .
لكن الإشكال هنا يطرح على مستوى غياب معايير دقيقة يهتدي بـها القاضي في تقدير الجزاء مع إمكانية مراقبة هذا التفريد من طرف هيأة تسهر على إعمال المراقبة كما هو الحال في التشريع الليبي، ليطرح هذا المنوال حول رهانات إمداد هذه الرقابة إلى هيأة عليا يكون لها قوة رقابية تمتد إلى مسائل القانون والموضوع .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن سلطة القاضي التقديرية تجد حدها بمبدأ النصية حيث تقيد سلطة القاضي وتحظر عليه امكاينة تفسير النص القانوني أو التوسع في تأويله أو إتمام قاعدة ناقصة مع وضع استثناء في ذلك هو إمكانية التفسير لكن بشكل ضيق ولصالح المتهم ، أضف إلى ذلك فقد وضع المشرع للقاضي قواعد جنائية يهتدي بها في حالة تنازع قاعدتين أو أكثر وذلك بتطبيق النص الكامل على النص القصير والنص والتام على الناقص والخاص على العام .. وبالتالي يصبح القاضي مجرد موزع آلي للجزاء.