كود ذكر المصدر

الراديو

...

كود مشاركة المواضيع في الفيس وتويتر

اخر الاخبار

اترك رسالتك

تحديث

.

.

.

.

أحكام البيع ـ المستشار الدكتور محمد الصعيدي

أحكـــــام عقــــــــد البيــــــع 

اعداد المستشار الدكتور / محمد الصعيدي 

المستشار الدكتور / محمد الصعيدي 

1ـ عقد البيع الابتدائى ـ ماهيته ـ وآثاره القانونية:

من المقرر قانونًا أن المقصود بوصف العقد أنه عقد بيع ابتدائى ـ أخذًا بالعرف الذى جرى على إطلاق هذه التسمية على عقود البيع التى لم تراع فى تحريرها الأوضاع التى يتطلبها قانون التسجيل وذلك لا يحول دون اعتبار أن البيع باتًا لازمًا متى كانت ضعيفة دالة على أن
كل من طرفيه قد ألزم نفسه الوفاء بما التزم به على وجه قطعى لا يقبل العدول كما لو أقر البائع أنه تسلم كامل الثمن من المشترى وأقر المشترى أنه تسلم المبيع بعد أن عاينه المعاينة التامة النافية للجهالة.


[26/12/1246 ـ طعن رقم 3/16ق]
2ـ عقد البيع المسجل ـ عقد البيع غير المسجل :

ـ أن البيع ينعقد صحيحًا بالعقد غير المسجل كما ينعقد صحيحًا بالعقد المسجل ، ومن آثار هذا الانعقاد الصحيح أن من حق المشترى أن يطالب البائع بالتسليم على اعتبار أنه التزام شخصى وأثر من آثار البيع لا يحول دونه عدم حصول التسجيل ومن شأن هذه الآثار أيضًا أن يكون للمشترى إذا ما خشى على العين المبيعة من بقائها تحت يد البائع طيلة النزاع أن يطلب إلى المحكمة وضعها تحت الحراسة.

ـ وإذا كان عقد البيع ولو غير مشهر فهو ينقل إلى المشترى الحيازة القانونية للعين المبيعة والدعاوى المترتبة بها وكان الواقع أن مثلاً أن المشترى أقام دعوى يطلب فيها طرد البائع من العقار المبيع له وطلب تسليمه له على سند أنه اشتراه بعقد عرفى وأن البائع يضع يده على العقار دون سند قانونى فإن التكيف القانونى لهذا الوضع هو دعوى طرد للغصب للمنزل وتسليمه لصاحب الحيازة القانونية (المشترى).

[طعن 443/46 ق جلسة 22/4/1980]

[طعن 446/46 ق جلسة 25/6/1980]

3ـ نفاذ عقد البيع ضد المستأجر ـ والمالك الجديد :
ـ يجب على مشترى العقار حتى يستطيع الاحتجاج بعقد شرائه قبل المستأجر من البائع أن يسجل هذا العقد حتى تنقل الملكية للمشترى ـ ولما كان البائع فى عقد البيع العقارى غير المسجل لا يستطيع أن يؤجر العقار إيجار نفاذ فى حق المشترى رغم أنه أى (البائع) لازال مالكًا للعقار (لعدم التسجيل) إلا أن المشترى يستطيع أن يطالب البائع بتسليم العقار إذا كان لم يسلمه بعد للمستأجر.

ـ أما إذا كان تسلم المستأجر العقار ، فإن المشترى لا يستطيع قبل تسجيل عقد البيع أن يطالب المستأجر بتسليم العقار لأن كل منهما دائن عادى للبائع ولا يملك المشترى سوى التعويض أو الفسخ.

[834/50 ق ، 25/4/1981]

[860/50 ق ، 25/4/1981]
4ـ مدى مسئولية البائع عن ريع العقار أمام المشترى ـ بعقد غير مسجل :


ـ أن بائع العقار ولو بعقد غير مسجل يعد مسئولاً أمام المشترى عن ريع العقار (إيجار أو محصول) من تاريخ عقد البيع إلى أن يتم التسليم للمشترى ما لم يوجد اتفاق أو عرف يخالف ذلك.

ـ وحكمة ذلك أنه وإن كان الملكية لا تنتقل فى القانون إلا بالتسجيل إلا أن تنازل البائع عن المبيع (العقار) متى كان متجزأ يعد تصرف قانونى يرتب التزامات شخصية على عاتق البائع تخول المشترى حقوق قانونية على العقار.

[طعن 573 لسنة 56 ق جلسة 6/6/1990]

[طعن 926 لسنة 52 ق جلسة 16/3/1986]

ـ أضف لهذا أنه لما كان من آثار عقد البيع طبقًا لنص المادة 458 مدنى ـ أن منفعة المبيع تنتقل للمشترى من تاريخ إبرام العقد فيكون من حق المشترى ملكية الثمرات والثمار فى المنقول والعقار على السواء ـ طالما كان المبيع معين بالذات من وقت العقد ما لم يوجد نص فى عقد البيع اتفق فيه على غير ذلك ولا فرق فى ذلك بين أن يكون عقد بيع العقار مسجلاً أو غير مسجل لأن التزام البائع ينشأ بتسليم العقار المبيع للمشترى ولو لم يسجل العقد وبذلك يضحى للمشترى الحق بعقد غير مسجل الحق فى إلزام البائع أو واضع اليد على العقار المبيع بتسليم ثماره عن مدة .. مدة وضع اليد منذ تاريخ إبرام العقد.

[طعن 2531 لسنة 52 ق جلسة 23/6/1987]


[طعن 223 لسنة 57 ق جلسة 22/11/1990]
5ـ نقل الملكية ـ كيفيتها فى عقد البيع :


أن الملكية فى عقد البيع لا تنتقل إلا بالعقد المسجل المشهر فهو ينقل للمشترى ملكية العقار ، أما العقد الغير مشهر ينقل للمشترى كافة الحقوق وجميع الدعاوى المرتبطة بالمبيع ويحق له تسلم المبيع وطرد الغاصب لكنها لا ينقل حق الملكية.

[طعن 1406 لسنة 54 ق جلسة 29/12/1987]


6ـ كيف يطالب المالك الجديد للعقار المستأجر بالأجرة

الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل ؟ !


ـ أن المشترى (المالك الجديد للعقار) حتى يستطيع أن يطالب المستأجر بالأجرة ويحتج بعقد شرائه قبل المستأجر من المالك (القديم) ـ البائع ـ لابد أن يسجل العقد لتنقل إليه الملكية.

ـ والوضع القانونى هنا قبل التسجيل فهو ليس إلا دائن عادى للبائع مؤجر العقار وعلاقة المشترى بالبائع وعلاقة الأخير بالمستأجر ولا يترتب أى علاقة مباشرة بين المالك الجديد والمستأجر لأن المالك الجديد لم يسجل عقده ـ لكن إذا قام البائع (المالك القديم) بتحويل عقد الإيجار إليه وقبل المشترى (المالك الجديد) هذه الحوالة أو أعلن بها لأنها بهذا القبول أو الإعلان تكون نافذة فى حقه طبقًا لنص الفقرة الثانية من المادة 305 من القانون المدنى وبذلك يستطيع المشترى للعقار المؤجر ولم يكن عقده مسجلاً أن يطالب المستأجر بالحقوق الناشئة عن عقد الإيجار ومنها القيمة الإيجارية دون الحاجة لاختصام المالك القديم (البائع) فى الدعوى لأن الحق المحال ينتقل إلى المحال إليه مع الدعاوى التى تؤكده.

[طعن 2203 لسنة 54 ق جلسة 10/2/1988]

ـ وماهية حوالة الحق أنها اتفاق بين المحيل والمحال إليه على تحويل حق للمدين الذى هو دائن لمدين أخر ـ إلى دائنه مع مراعاة القواعد العامة فى إثبات الحوالة.
7ـ علاقة البائع بعقد غير مسجل ـ قبل باقى الشركاء فى المبيع :
ـ من المقرر أن عقد البيع ولو لم يكن مشهرًا ينتقل إلى المشترى منفعة المبيع وكافة الحقوق المتعلقة به ، ومن ثم يكون للمشترى أن يحل محل البائع فى هذه الحقوق قبل باقى الشركاء المشاعين فى العقار ومنها تمكينه من الانتفاع بما كان البائع له يضع يده عليه ويحوزه وينتفع به بما يوازى حصته فى هذا العقار.
[طعن 1583 لسنة 57 ق جلسة 6/3/1994]
8ـ ماهية العربون :
ـ عرفت محكمة النقض فى أحكامها أن العربون هو ما يقدمه أحد العاقدين إلى الآخر عند إنشاء العقد ، وقد يريد العاقدان بالاتفاق عليه أن يجعلا عقدهما مبرمًا بينهما على وجه نهائى أو يريدان أن يجعلا لكل منهما الحق فى إمضاء العقد أو نقضه والذى يحدد هذا فقط هى نية العاقدان وحدهما التى تحدد الحكم القانونى لإعطاء العربون ، ومن الممكن أن تكون قيمة العربون ما هى إلا قيمة التعويض الذى اتفاق عليه عند فسخ العقد عن تقصير أحد المتعاقدين فى الوفاء بما التزام به أو قيمة العربون انعقدت نيتهما على تمام العقد.

ـ بمعنى أن قد يكون العربون هو المبلغ الذى دفعه المشترى للبائع بموجب عقد البيع فيفقده المشترى إذا لم يتم البيع تعويضًا عن احتجاز المبيع ..... البائع أو أنه جزء من الثمن لا يحكم به للبائع كتعويض إذا كان العدول بخطأ المشترى وتسبب فى ضرر للبائع وقد يكون عدول المشترى بسبب عيب خفى فى المبيع وبذلك يختلف الرأى عما إذا كان المبلغ عربون أم جزء من الثمن.
9 ـ متى يكون عقد البيع ـ بيع بالعربون ـ يحتوى خيار العدول :
ـ متى كان العقد يحتوى صراحة على أن المشترى مسدد مبلغ عربون (المادة 103 مدنى) ومقداره كذا وحدد متى يحق للمشترى استرداد ذلك العربون وحالات ذلك والحالات التى تبيح للبائع الاحتفاظ به كما حدد فى العقد موعد الوفاء بباقى الثمن وشرط استحقاقه فإن ذلك يعد بيع بالعربون يحتوى خيار العدول حتى ولو جاء بالعقد أنه نافذ المفعول بين طرفيه لأن العقد هنا نافذ فعلاً لكن بشروطه التى حددها طرفيه.
[نقض 327 لسنة 32 ق ـ جلسة 5/4/1956]
10ـ الشرط المانع من التصرف فى حياة البائع ـ أثره :


ـ إذا تضمن عقد البيع شرط البائع على المشترى أنه لا يحق للمشترى التصرف فى هذا العقار إلا بعد وفاة البائع ، وللبائع الاحتفاظ لنفسه بحق الانتفاع طوال حياته ضمانًا لحقه ، فإن ذلك لا يمنع من اعتبار التصرف هنا عقد بيع صحيح ناقلاً للملكية ، ولا يعنى هذا الشرط أن هذا البيع ما هو إلا وصية.

[طعن 9 ، 144 لسنة 14 ق ـ جلسة 8/3/1945]

11ـ قيام البائع بالبيع لأولاده ـ بعقد بيع يستر عقد هبه ـ سريانه ونفاذه:

ـ قد يحرر البائع لأبنائه عقد بيع يستر عقد هبه ـ يعد عقد صحيح طالما كان التصرف منجزًا غير مضاف لأجل بعد الموت.

ـ فإذا كان العقد ينفذ فى حياة البائع الذى رفع يده عن أملاكه بموجب هذا العقد ووجود العقد تحت يد المتصرف إليه الذى قام بإجراءات تسجيل أو تقديمه للمحكمة للحصول على صحة توقيع البائع الذى حضر وأقر بصدوره منه أمام المحكمة فإن ذلك العقد نافذ وصحيح.

[طعن 12 لسنة 17 ق ـ جلسة 11/3/1948]

12ـ التصرفات الصادرة من المورث حال حياته نافذة فى حق الورثة بعد وفاته حتى ولو كان غرضها حرمانهم من الأرث :

ـ إن التصرفات الصادرة من المورث حال حياته سواء لأحد ورثته أو للغير هى صحيحة ونافذة حتى ولو ترتب عليها حرمان بعض الورثة من الإرث لأن الإرث هنا لا تترتب أثاره إلا على ما يخلفه المورث بعد وفاته ، أما ما قد يكون خرج من ماله حال حياته فلا يحق للورثة الاعتراض عليه لانعدام الصفة والمصلحة.
[طعن 229 لسنة 38 ـ جلسة 18/12/1973]

13ـ تبرع البائع لأبنائه القصر بالثمن فى عقد البيع :

إذا تبرع البائع لأبنائه القصر بالثمن فى العقد والتزامه بعدم الرجوع من تبرعه يفصح عن أن التبرع هبة سافرة وقعت باطلة لتخلف الشكل الرسمى الذى يتطلبه نص الفقرة الأولى من المادة 488 مدنى ولا يعتبر هذا التصرف بيع لأنه لم يستوف العقد أحد أركان البيع وهو سداد المشترى للثمن ولا يصح العقد وبذلك يكون العقد ساترًا لهبة وفقًا لما تجيزه الفقرة الثانية من آنفة الذكر لأن مناط صحة الهبة المستترة أن يكون العقد الذى يسترها مستوفى الأركان والشرائط القانونية.


فالبيع قد يتخذ ساترًا للهبة فإذا جاء به أن البائع وهب الثمن للمشترى ، فهذا عقد هبة مكشوفة تخضع لأحكام عقد الهبة من حيث الموضوع والشكل أنما لابد أن تسجل وتشهر فى الشهر العقارى ، وإذا لم يتم ذلك يقع العقد باطلاً غير نافذ ، أما إذا ذكر البائع أنه قبض الثمن من المشترى فإن العقد يعتبر هبة مستورة تسرى عليها أحكام الهبة فى الموضوع فقط ويعتبر نافذًا دون الشكل.
14ـ تزاحم بين المشترين للعقار :
ـ أن الثابت بأحكام القانون أن الملكية لا تنتقل فى العقار إلا بتسجيل عقد البيع ، والتسجيل لا يرتب أثره إلا من تاريخ التسجيل العقد أو الحكم (دعوى صحة ونفاذ) الذى ينشأ فى حق الملكية أو أى حق عينى على العقار.

ـ وقد يقوم البائع ببيع العقار لمشترى ـ لم يسجل عقده ـ ثم بعده قام ببيع العقار مرة أخرى لمشترى أخر ـ لم يسجل عقده ـ كلا من المشترين لم يسجل عقده ، وبذلك لازال العقار فى ملكية البائع ـ والأفضلية هنا لمن يسجل عقده أولاً قبل الأخر بغض النظر عن سوء النية للبائع أو حسن نية وكذلك للمشترى اللاحق سواء كان يعلم بواقعة البيع الأولى أم لا ما لم يثبت أن العقد المحرر للمشترى اللاحق هو عقد صورى فالعقد الصورى يعتبر غير موجود قانونًا ولو سجل يستطيع المشترى الأول إثبات هذه الصورية باعتبار أنه من الغير بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود والقرائن ـ ولو حصل على حكم بالصورية يستطيع به محو وشطب تسجيل المشترى اللاحق على عقده فى الشهر العقارى وكذلك لو ثبت بطلان عقده أى منهما تخلص الملكية للآخر الذى سجل بعد أن سجل الأول عقده والذى ثبت بعد ذلك بطلانه بحكم محكمة.
ـ وأساس المفاضلة هنا بسبب الأسبقية هو ورود العقود المسجلة على عقار واحد وأن تكون صادرة من متصرف واحد.
[جلسة 25/11/1954 ـ طعن 85 سنة 21 ق]
15ـ ماهية العقد الصورى ـ وأثره على العقد المسجل ؟

ـ أن العقد الصورى هو عقد غير موجود قانونًا ولو سجل ـ مثلاً إذا طلب مشترى بعقد غير مسجل الحكم على البائع بصحة تعاقد (صحة ونفاذ) وإبطال البيع الآخر الذى سجل عقد واعتباره كأن لم يكن لصوريته المطلقة وقضت له المحكمة بذلك بناء على ما ثبت من صورية العقد المسجل ، ولو كان العقد العرفى غير ثابت التاريخ وكان تاريخه الحقيقى لاحقًا لتاريخ العقد المسجل.
[طعن 28 لسنة 13 ق ـ جلسة 25/11/1943]

16ـ أثر تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد ـ صحة ونفاذ :
ـ أن تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد تحفظ لرافعها حقوقه من تاريخ حصول هذا التسجيل ، حيث أنه متى تم الحكم له بطلباته فإن الحق الذى يقرره له الحكم ينسحب إلى يوم تسجيل صحيفة الدعوى إذا قد تأشر بهذا الحكم ولا يحق لأحد أن يسبقه فى تسجيل صحيفة دعواه .

[طعن 237 لسنة 24 ق ـ جلسة 19/6/1958]
17ـ التمسك بصورية عقد المشترى اللاحق ليسجل المشترى عقده :
ـ إذا أراد المشترى الذى لم يسجل عقده أن يسجله فعليه أن يتمسك بصورية عقد المشترى الآخر الذى سجل عقده ـ إثبات الصورية المطلقة بكافة طرق الإثبات باعتباره من الغير ـ ليتوصل بذلك إلى حكم بالصورية يمحو به تسجيل هذا العقد ويسجل هذا الحكم الصادر له فى صحة التعاقد فتنتقل إليه ملكية العين المبيعة إذ أنه لكونه دائنًا للبائع فى الالتزامات المترتبة على عقد البيع الصادر له يكون له أن يتمسك بتلك الصورية أيًا كان الباعث عليها لإزالة جميع العوائق التى تصادفه لإثبات عقده وتسجيله.

[طعن 34 لسنة 33 ق ـ جلسة 26/5/1966]

18ـ التزاحم بين المشترى من المورث ـ و المشترى من الوارث :
1ـ طبقًا لأحكام قانون الشهر العقارى الصادر رقم 114 لسنة 1946 فى المادتين 13 ، 14 نجد أن منع شهر تصرفات الوارث قبل شهر حقه فى الإرث وبذلك نجد الآتى :
ـ إذا كان حق الإرث لم يشهر فإن المشترى من الوارث لا يستطيع الاحتجاج بعقده فى مواجهة دائنى التركة ومنهم المشترى من المورث بعقد غير مسجل.
ـ إذا أشهر حق الإرث فإن لدائنى التركة بما فيهم المشترى من المورث إذا لم يكن قد سجل عقد شرائه فإنهم يتقدمون إلى التأشير بحقوقهم فى هامش شهر حق الإرث خلال سنة من حصوله فإذا لم يؤشر الدائن بحقه خلال هذه الفترة فإنه يفقد الحق فى الاحتجاج بالتصرف الصادر إليه من المورث فى مواجهة المشترى من الوارث على أساس من الحماية المقررة له بموجب المادة 14 من القانون سالف الذكر.
ـ وإذا قام المورث بشهر حق الإرث وسجل المشترى اللاحق عقده من المورث انتقلت إليه الملكية وتكون له الأفضلية على المشترى من المورث الذى لم يسجل عقده ؛ وقضت فى ذلك محكمة النقض :
"بأن البيع لا ينتقل ملكية العقار المبيع إلى المشترى إلا بالتسجيل فإذا لم يسجل المشترى عقد شرائه بقى العقار على ملك البائع وانتقل إلى ورثته من بعد بالإرث فإذا هم باعوه وسجل المشترى منهم عقد شرائه انتقلت إليه ملكيته لأنه يكون قد تلقاه من مالكيه وسجل عقده وفقًا للقانون وبذلك تكون له الأفضلية على المشترى من المورث الذى لم يسجل عقده".
[طعن 176 لسنة 18 ق ـ جلسة 1/6/1950]
19ـ ماهية دعوى صحة التعاقد ـ صحة ونفاذ :
ـ هى دعوى قضائية تهدف نقل الملكية ويتم إشهار صحيفة الدعوى فى الشهر العقارى وتقيد فى دفتر الأسبقية ولأنها تهدف لنقل الملكية لذلك فهى دعوى موضوعية تمتد فيها سلطة المحكمة لبحث موضوع العقد ومداه ونفاذه وهى تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد فى نقلها وذلك لابد أن يفصل القاضى فى صحة البيع واستيفائه شروطه وإركانه وصحته وبحث ذاتية الشئ المبيع لأنه محل العقد وركن من أركانه وتحدد مساحة العقار ومساحته وموقعه وحدوده وأوصافه تعيين صانع للجهالة قبل الحكم بانعقاد البيع.
[طعن 286 لسنة 37 ق ـ جلسة 29/4/1972]
ـ أضف لذلك أنها تحكم بإنفاذ التزامات البائع جبرًا وذلك بأن البيع صدر منه صحيح وواجب النفاذ وبالأذن فى تسجيل الحكم فى الشهر العقارى توصلاً إلى انتقال الملكية وبذلك يبحث القاضى فى أسباب امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته وهل هى بعذر أم لا ويبحث قيام المشترى بالتزاماته أم لا حتى يكون له الحق فى مطالبة البائع بنقل الملكية على أساس قانونى ، كل هذه الأمور تستوجب من القاضى بحث الموضوع ولا يمكن القول إلى أن البائع يستطيع أن يرفع دعوى فسخ مستقلة ضد المشترى الذى لم يوف التزاماته لأن ذلك مردود عليه بأن البائع بدلاً من رفع دعوى مستقلة يستطيع أن يدفع بذلك فى الدعوى المرفوعة بأن المشترى مثلاً لم يسدد كامل الثمن.
[نقض 41 لسنة 16 ق ـ جلسة 8/9/1947]
20ـ الفارق بين دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع :
ـ صحة التعاقد موضوعها دعوى موضوعية تنصب على حقيقة التعاقد وتتناول أركانه ومحله ومداه ونفاذه وهل سدد المشترى الثمن أم لا ـ أهلية المتعاقدين ـ محل العقد يصح التعامل عليه قانونًا أم لا.
والحكم الصادر فيها مقررًا لكافة أركان العقد الذى تعاقد عليه المتعاقدين وهى بذلك تعتبر دعوى استحقاق مآلا وهذا بالإضافة إلى تسجيل صحيفة دعواه لتحفظ لرافعها حقه فى الأسبقية حتى إذا حكم له فيها بعد ذلك بطلباته وتأشر بهذا الحكم وفقًا لأحكام القانون فإن الحكم ينسحب أثره الى يوم تسجيل الصحيفة طبقًا للمادة 65 مرافعات ـ الفقرة الأخيرة.
دعوى صحة التوقيع : دعوى تحفظية شرعت ليطمئن من بيده محرر عرفى على آخر أن الموقع على ذلك المحرر لن يستطيع بعد صدور الحكم بصحة توقيعه أن ينازع فى صحته ، والقاضى فيها لا يتعرض لموضوع المحرر من جهة صحته أو عدم نفاذه لأن الحكم الصادر فيها لا ينصب إلا على التوقيع من جهة صحته أو عدم صحته فقط.
21ـ رفض الحكم بصحة التعاقد ـ لا يمنع من رفع دعوى صحة التوقيع :
ـ حيث أن دعوى صحة التوقيع تختلف فى موضوعها عن صحة التعاقد ، ومن ثم لا تطبق هنا واقعة سابقة الفصل طبقًا للمادة 101 إثبات نظرًا لاختلاف الموضوع على النحو السالف البيان فى الفرق بين الدعويين.
ـ خاصةً وأن دعوى صحة التوقيع هى دعوى تحفظية الغرض منها إثبات أن التوقيع الموضوع على المحرر هو توقيع صحيح صادر من يد صاحبه ويكفى لقبول هذا الدعوى توافر شرط المصلحة فى رافعها طبقًا للمادة 3 مرافعات.
ـ وإذا كان قد قضى فى دعوى صحة التعاقد برفض دعوى صحة التعاقد لأى سبب كان غير أن العقد سند الدعوى مزور على البائع ـ يحق للمشترى رفع دعوى صحة توقيع لحفظ حقوقه فى عقد البيع سند الدعوى ما سدده من ثمن.
22ـ رفض دعوى صحة التعاقد لعدم وفاء المشترى بالثمن :
ـ إذا قضى الحكم برفض دعوى صحة التعاقد لعدم قيام المشترى بالتزامه بسداد كامل الثمن وأدى ذلك لرفض الدعوى أن ذلك لا يمنعه من إقامتها مرة أخرى إذا قام بسداد باقى الثمن وذلك لاختلاف السبب وتفادى وإزالة أسباب الرفض.
[طعن 372 لسنة 30 ق ـ جلسة 4/11/1965]
23ـ المانع الأدبى وأثره فى عدم حصول المشترى بما أوفاه من ثمن :
ـ قد يكون هناك مانع أدبى حال دون حصول المشترى على ورقة من البائع بما قد يكون أوفاه من ثمن مثل البيع بين رجل وزوجته أو سيد وخادمه فإن هذه العلاقات من شأنها أن تحول بينه وبين الحصول على كتابه بما أوفاه من الثمن ويجب على المحكمة أن تحيل الدعوى للتحقيق أو الاستجواب لبحث قيام المانع الأدبى.
[طعن 372 لسنة 30 ق ـ جلسة 4/11/1965]
24ـ قيام المشترى بإيداع الثمن خزينة المحكمة لحساب البائع :
ـ أن قيام المشترى بعرض المبلغ باقى الثمن وإيداعه خزينة المحكمة وطلبه من المحكمة الحكم له بصحة التعاقد لابد أن تبحث المحكمة هذا الإيداع وهل صحيحًا أم لا وهذا من سلطتها وليس مجرد رفض البائع الاستعلام يعد قرينة ضد المشترى فهذا البحث يدل فى سلطتها فى بحث الموضوع وأسبابه.
[طعن 160 لسنة 33 ق ـ جلسة 24/1/1967]
25ـ الثمن كركن من أركان العقد ـ تخلفه ـ بطلان العقد :
ـ حيث أن الثابت أن الثمن يعد ركن من أركان العقد والتزام من التزامات المشترى سداد الثمن وأن أى إبراء منه أو عدم ثبوت سداد يؤدى إلى تخلف ركن من أركان العقد وعدم نفاذه.
ـ وإذا أثير أن الثمن محل نزاع فى دعوى صحة التعاقد وأن كون المشترى لم يسدد الثمن فإنه يؤدى إلى القول بصورية العقد صورية مستترة وأن حقيقته تصرف مضاف إلى ما بعد الموت مثلاً ـ فلابد أن يثبت المتنازع قيام الصورية وتخلف سداد الثمن وإذا عجز عن ذلك صارعقد البيع صحيحًا وتوافرت أركانه القانونية (رضا ومحل وثمن).
[طعن 1228 لسنة 56 ق ـ جلسة 15/2/1990]
26ـ لابد من إمكانية نقل الملكية وتسجيل الحكم لقبول صحة التعاقد :
ـ أن أساس تنفيذ العقد وجود محل العقد لينفذ عليه أو لا يكون هناك استحالة تنفيذ ، فإذا ثبت هلاك المبيع يكون هناك استحالة تنفيذ وإذا ثبت أن هلاك المبيع بسبب أجنبى أو قوة قاهرة برأت ذمة البائع ، أما إذا كان هلاك المبيع بسبب يرجع للبائع أو إهماله فهنا يكون أمام المشترى طلب التعويض والفسخ.
ـ وإذا كان الغرض دعوى صحة التعاقد هو إجبار البائع على نقل الملكية وتنفيذ الحكم تنفيذ عينى ، فإذا كان هذا التنفيذ قد أصبح غير ممكن لوروده على شئ غير قابل للتعامل فيه فإن طلب صحة ونفاذ عقد البيع يكون متعين الرفض.
[طعن 1293 لسنة 51 ق ـ جلسة 21/3/1985]
27ـ اختصام البائع للبائع للحكم بصحة نفاذ العقد :
ـ إذا كان الهدف من دعوى صحة ونفاذ استصدار حكم بنقل الملكية من البائع للمشترى ـ فإذا كان البائع لم يسجل عقده ، فإن المدعى هنا لا يجاب إلى طلبه إلا إذا كان تنفيذ الحكم ممكنًا وتسجيله وإذا تبين للمحكمة من أوراق الدعوى أن الملكية لم تنتقل للبائع لأنه لم يسجل عند شرائه وأن البائع للبائع لم يختصم فى الدعوى فكان لازمًا على المشترى أن يختصم البائع للبائع ليطلب صحة العقد ونفاذه منه للبائع الذى باع له وهو بذلك إذا ما سجل الحكم الصادر بصحة العقدين انتقلت الملكية إليه.
ـ أما إذا لم يختصم البائع للبائع فإن ذلك معناه أن الملكية لم تنتقل بعد ، فإن حكمت له بصحة عقده فإن تنفيذه وتسجيل الحكم يكون غير ممكن لاستحالة تنفيذه قبل أن يسجل البائع له عند شرائه الأول ؛ وإذا كان عقد البيع الصادر من البائع للبائع به عيب أو بطلان فلا يمكن تحريك دعوى لإنفاذه قانونًا.
[طعن 290 لسنة 32 ق ـ جلسة 19/5/1966]
28ـ هل يجوز للبائع رفع دعوى صحة تعاقد ضد المشترى ؟
ـ بداية الثابت أن البائع هو الخصم الأصيل فى دعوى صحة التعاقد وأن رافعها المشترى لإجبار البائع على تنفيذ التزاماته ونقل الملكية للمشترى ، فالبائع هنا خصم أصيل.
[طعن 1451 لسنة 48 ق ـ جلسة 31/1/1980]
ـ أما وإذا تكاسل المشترى ولم يحركها وكان ذلك العقار المسجل باسم البائع يرتب رسوم ومطالبات ضد البائع رغم أنه باع العقار للمشترى الذى لم يسجل عقده فإننا هنا أمام توافر شرط المصلحة المطلوب لتحريك الدعوى ، وشرط المصلحة هنا يتوافر فى حق البائع الذى يطالب من الجهات الحكومية بهذه الرسوم فيحق له تحريك هذه الدعوى لنقل الملكية وإخلاء مسئوليته.
[طعن 246 لسنة 40 ق ـ جلسة 26/2/1976]
29ـ إذا عدل المشترى طلباته أثره وجوب تسجيل صحيفة الطلبات المعدلة:
إذا أقام المشترى دعواه بصحة التعاقد فإن دعواه لا تقبل بدون شهر صحيفتها لأنها على حق من الحقوق العينة العقارية (65 مرافعات ـ الفقرة الأخيرة) وبالتالى فإن أى تعديل فى الطلبات أو بيانات الصحيفة كما لو كانت بيانات العقار محل التصرف المسجل يعتبر ذلك مثابة تصرف جديد إذا كان من شأن الخطأ الذى شاب البيان التجهيل بالمبيع وهنا يكون العبرة فى ترتيب أثر التسجيل الصحيح وليس القديم (الخطأ) ، أما إذا كان الخطأ لا يؤدى إلى التجهيل بالعقار فإن آثار التسجيل تسرى من تاريخ أسبقية التاريخ الأول القديم.
[طعن 393 لسنة 50 ق ـ جلسة 15/5/1984]
وأن الأسبقية لا تثبت إلا لرافع دعوى صحة التعاقد إذا كان المبيع المحدد فى صحيفة الدعوى هو بذاته المبيع الذى كان محلاً للبيع وفقًا للمادة 17 من القانون العقارى رقم 114 لسنة 1946.
30ـ الاختصاص المحلى لدعوى صحة التعاقد :
ـ حيث أن دعوى صحة التعاقد هى دعوى استحقاق مآلا ـ فهى دعوى شخصية عقارية تستند لحق شخص ويطلب فيها تقرير حق عينى على عقار أو اكتساب هذا الحق أو إلغاؤه ينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة التى يقع فى دائرتها العقار أو موطن المدعى عليه ولما كانت دعوى صحة التعاقد هدفها إلزام البائع تنفيذ التزامه تنفيذ عينى للحصول على حكم يقوم بتسجيل مقام تسجيل العقد فى نقل لملكية أضف لذلك أن دعوى بطلان بيع العقار هى الوجه الآخر لصحته ونفاذه يكون الاختصاص بنظرها للمحكمة التى يقع فى دائرتها العقار أو موطن المدعى عليه [طبقًا 50/2 مرافعات].
31ـ تقدير قيمة دعوى صحة التعاقد :
1ـ تقدير قيمة العقار من بيان الضريبة الأصلية المربوطة عليه وتكلف المحكمة المدعى بتقديمه شهادة تبين مقدار الضريبة الأصلية.
2ـ فى حالة عدم ربط الضريبة على العقار المبيع تقدر المحكمة قيمته بالثمن المذكور فى العقد.
3ـ إذا ثارت منازعة بين الخصوم فالمحكمة تندب خبير لتقدير قيمة العقار المبيع المذكور فى العقد للفصل فى مسألة الاختصاص [م/ سيد خلف ـ عقد البيع ـ طبعة 1999 ـ ص322] ، وذلك طبقًا لنص المادة 37/1 مرافعات "يراعى تقدير الدعوى ما يأتى : الدعاوى التى يرجع فى تقدير قيمتها إلى قيمة العقار يكون تقدير هذه القيمة باعتبار خمسمائة مثل من قيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليه إذا كان العقار مبنى فإن كان من الأراضى يكون التقدير باعتبار أربعمائة مثل من قيمة الضريبة الأصلية ، وإذا كان العقار غير مربوط عليه ضريبة قررت المحكمة قيمته".
والفقرة الثانية من ذات المادة "الدعاوى المتعلقة بملكية العقارات والمنازعات المتعلقة بالتنفيذ على العقار تقدر قيمتها بقيمة العقار".

32ـ لا يجوز للمشترى لحصة محددة فى العقار الشائع أن يطلب التسليم المفرز:

ـ لا يجوز أن يطلب المشترى لحصة مفرزة فى العقار الشائع أن يطلب التسليم لحصته المفرزة من البائع علة ذلك أن الشريك على الشيوع لم يكن يملك وضع يده على حصة مفرزة قبل حصول القسمة إلا برضاء باقى الشركاء جميعًا ولا يمكن للمشترى أن تؤول له حقوق أكثر مما كان لسلفه لأن العين المبيعة تنتقل للخلف المشترى محملة كما هى بحالتها الراهنة وقت البيع وبالتالى لا يكون الإفراز لجزء من المال الشائع يعتبر الطريق الذى رسمه القانون.
[طعن 1425 لسنة 56 ق ـ جلسة 29/11/1988]

وقد نصت المادة 431 مدنى "يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشترى بالحالة التى كان عليها وقت البيع".
33ـ بطلان بيع ملك الغير :
المادة 466 مدنى :
(1) إذا باع شخص شئ معين بالذات وهو لا يملكه جاز للمشترى أن يطلب إبطال العقد ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار سجل أو لم يسجل العقد.
(2) وفى كل حال لا يسرى هذا البيع فى حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشترى العقد.
المادة 467 :

(1) إذا أقر المالك البيع سرى العقد فى حقه وانقلب صحيحًا فى حق المشترى.


(2) وكذلك ينقلب العقد صحيحًا فى حق المشترى إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد.

المادة 468 مدنى :

إذا حكم للمشترى بإبطال البيع وكان يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع فله أن يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية".

34ـ بطلان بيع ملك الغير ـ محكمة النقض :


"إن بطلان بيع ملك الغير ـ نسبى ـ أى مقدر مصلحة المشترى ومن ثم يكون له دون غيره أن يطلب إبطال العقد وما لم يثبت أن البائع غير مالك ويطلب البطلان صاحب الحق فيه فإن عقد البيع يظل قائم منتجًا لآثاره بحيث يكون للمشترى أن يطالب البائع بتنفيذ التزاماته ويعد هذا منه إجازة للعقد".

[طعن 1972 لسنة 49 ق ـ جلسة 20/4/1983]

35ـ البائع لا يملك طلب الإبطال لبيع ملك الغير :
ـ لا يجوز إبطال بيع ملك الغير إلا للمشترى دون البائع له، إلا أن المالك الحقيقى يكفيه أن يتمسك بعدم نفاذ هذا التصرف فى حقه أصلاً إذا كان العقد قد سجل أما إذا كانت الملكية مازالت باقية للمالك الحقيقى لعدم تسجيل عقد البيع فإنه يكفيه أن يطلب طرد المشترى من ملكه لأن يده تكون غير مستندة إلى تصرف نافذ فى مواجهته.
ـ كما أن نص المادة 366 والفقرة الأولى من المادة 467 من القانون المدنى يدل على أن بيع ملك الغير تصرف قابل للإبطال لمصلحة المشترى وأجازه المشترى للعقد تزيل قابليته للإبطال وتجعله صحيحًا بين المتعاقدين ، أما بالنسبة للمالك الحقيقى فيجوز له إقرار هذا البيع صراحًة أو ضمنًا فإن لم يقره كان التصرف غير نافذ فى حقه ، مما مفاده أن بطلان التصرف أو عدم نفاذه هو أمر غير متعلق بالنظام العام بل مقرر لمصلحة صاحب الشأن فيه ولا يجوز لغيره التمسك به.
[طعن 245 لسنة 55 ق ـ جلسة 25/7/1999]

مجلة نادي قضاة التحكيم الدولي | الجهات المختصة بإجراء التحري الجنائي  في القانون العراقي | المستشارة بلقيس غازي عيدان ـ والدكتور رحمة الله حبوب

الجهات المختصة بإجراء التحري الجنائي
 في القانون العراقي

سيادة المستشارة / بلقيس غازي عيدان الفلاحي 
المستشارة بلقيس غازي عيدان

ومعالي الدكتور/  رحمة الله حبوب     
يعد التحري الجنائي من اهم الاجراءات التي يتم بها الكشف عن الجرائم ومعرفة مرتكبيها من خلال اشخاص مكلفين بذلك قانوناً، ومن المعروف ان اجراءات التحري تتناسب طرديا بحسب شدة وخطورة الجريمة ، لذا سيتم تسليط الضوء على القائمين بالتحري ضمن بحثنا هذا ، والذي يتطلب التعريف إيتداءاً بمصطلح التحري اللغوي والاصطلاحي وتعريف المشرع العراقي له ، ومن ثم البحث في الجهات والاشخاص المكلفة قانونا به مع بيان أهم النتائج والتوصيات .
أهداف البحث : يهدف البحث لمعرفة من هم الاشخاص الذين يحق لهم القيام بإجراءات التحري وتحديد نقاط الضعف في أداءهم بغية معالجتها .
أهمية البحث : تتمثل في التعرف على الجهات المكلفة قانونا ًبالتحري لبيان فاعليتها والجهات المشرفة بالمتابعة والمراقبة على القائمين عليه.
منهج البحث : تم اعتماد المنهج الوصفي التحليلي.
خطة البحث
المبحث الاول: تعريف التحري
المطلب الاول: تعريف التحري لغة
المطلب الثاني: تعريف التحري إصطلاحا
المطلب الثالث: تعريف التحري في التشريع العراقي
المبحث الثاني: الجهات المختصة بإجراء التحري في التشريع العراقي
المطلب الاول: الجهات المختصة بإجراء التحري
 المطلب الثاني: أعضاء الضبط القضائي المختصين بإجراء التحري ذوي الاختصاص العام و الخاص
المطلب الثالث: النتائج  والتوصيات

المبحث الاول
 تعريف التحري
تمهيد
ظهر وساد نظام التنقيب والتحري في العصور الأولى من الإمبراطورية الرومانية، ولم يكن مطبق على جميع المواطنين وإنما كانت تختص به فئة الرقيق (العبيد) المتهمين في الجرائم، ثم بعد ذلك تم تطبيقه على غير الرقيق، وفي القرن الثاني عشر أدخله البابا أنوسان الثالث إلى القانون الكنسي، ومنه انتقل إلى المحاكم الملكية في فرنسا، اذ تتولى الاتهام السلطة العامة فتبدأ بالإجراءات التحقيقية بمنأى عن المتهم بطريق سري وليس للمتهم حق الدفاع عن نفسه أو الإدلاء بأقوال أو الاستعانة بمن يدافع عنه، وإنما إنحصر حقه في الاجابة على ما يوجه إليه من أسئلة، وقد اخذت بهذا النظام الكثير من الدول الأوروبية و شمل أغلب المجرمين وقاسى منه الإبرياء كثيرًا، وكانت له الكثير من السلبيات التي أثرت على سير العدالة([1]).
أما في الوقت الحاضر فإن قوانين الإجراءات الجنائية المتبعة في النيابات والمحاكم قد جاءت وليدة الثورة الفرنسية ،التي أقرت عدة مبادئ منها مبدأ(لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) ومبدأ(المتهم بريء حتى تثبت إدانته)...وهو ما أقره إعلان لائحة حقوق الإنسان في المادة 11/1،2 الصادر عن هيئة الأمم المتحدة في 10/12/1948 ، والمادة 14/2 من الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1966 والتي انضم إليها العراق بالقانون رقم 193 لسنة 1970([2]).
و مصطلح التحريات يتردد كثيراً على الألسن في مجال البحث الجنائي، وأثناء التحقيقات، وفي المحاكمات الجنائية، وبصفة عامة في جميع الوقائع الجنائية، وقد جرى هذا المصطلح على الألسن بمعنى معين، يدور حول التقصي عن أمر من الأمور، لاستجلاء حقيقته، أو التتبع في خفية عن مجهول لاكتشاف أمره ، ولذا يجدر التعرض لمعناه اللغوي وهل يتفق هذا مع المعنى الاصطلاحي الشائع الاستخدام في مجال البحث والإثبات الجنائي.

المطلب الاول
تعريف التحري لغة
قال الله تعالى "فبعث الله غراباً يبحث في الأرض" ([3])، ويقال بحث في الأرض بحثاً حفرها وطلب شيئاً فيها، ويقال بحث عن الشيء طلبه وفتش عنه أو سأل عنه واستقصاه، وبحث الأمر تعرف على حقيقته ([4]).
تعريف ومعنى تحرى في قاموس المعجم الوسيط :
1.    تحرّى الأمورتحرّى في الأمور
-         تروّى ليصيب الأفضلَ : مثال : تحرّتِ المؤسّسةُ في عقود البيع المقدّمة لها .
2.    تحرّى الحدث /تحرّى عن الحدث
-   اجتهد في طلبه ودقَّق وبحث عنه باهتمام:- يتحرّى علماء الاجتماع أسبابَ ازدياد العنف لدى الشَّبابتحرّى القاضي الحقيقةَ/ عن الحقيقةِ .
3.    تحرّى الصّواب
-         توخّاه وطلبه وقصده : يتحرّى الحرصَ والإتقانَ- ) فَأولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا).
4.    تَحَرَّى
-         تَحَرَّى بالمكان : تمكَّثَ
-         وتَحَرَّى في الأُمور: قصد أَفضلَها.
-         وتَحَرَّى الشيءَ : حَراه .
-         وتَحَرَّى توخَّاه
-         وتَحَرَّى اجتهد في طلبه ودقَّق
-         ويقالتَحَرَّى عنه .
5.    تَحَرَّي
o        (ح ر ي) :( فعل : خماسي متعد). تَحَرَّيْتُ، أَتَحَرَّى، تَحَرَّ، مصدر تَحَرٍّ
o        تَحَرَّى الحَقِيقَةَ : بَحَثَ عَنْهَا
o          يَتَحَرَّى الأَمُورَ قَبْلَ البَدْءِ فِي أَيِّ مَشْرُوعٍ:- يَتَقَصَّاهَا بِالبَحْثِ وَالتَّنْقِيبِ وَالتَّفْتِيش.
o         مِهْنَةُ الصِّحَافِيِّ تَدْعُوهُ إلى أَنْ يَتَحَرَّى صِحَّةَ الأَخْبَارِ: أَنْ يَتَأَكَّدَ مِنْهَا وَمِنْ مَصَادِرِهَا مُبَاشَرَةً .
ورد الفعل (تحري) بمعنى طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن، أو طلب أحرى الأمرين أي أولاهما، أو طلب الأمر بمعنى قصده وفضله، وفلان يتحرى كذا أي يتوخاه ويقصده ، وقوله تعالي :"فأولئك تحروا رشداً" اي توخوا وعمدوا. ([5])
وفي المعجم الوسيط : الأحرى بمعنى الأولى والأجدر والأخلق، كما وردت كلمة تحري بمعنى تمكث بالمكان، وتحرى عنه بحث وفتش عنه، والتحري في الأمور قصد أفضلها، الشئ حراه وتوخاه واجتهد في طلبه ودقق، ويقال تحرى عنه.([6])
وفي لسان العرب لابن منظور([7]): التحري قصد الأولى والأحق، وهو أيضاً القصد والاجتهاد في الطلب، وفي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" .
ونستخلص مما سبق أن التحري عندما ينصب على المكان فهو يعني المكوث فيه حتى يلم القائم بكل ما فيه من اشياء، وإذا انصب على أمر من الأمور فيعني قصد أفضلها، وإذا انصب على شئ فهو الاجتهاد والتدقيق([8]) ، ومن هذا العرض يتضح أن هذه المفردات تدور حول معاني : الاجتهاد في الطلب، أو قصد الأولى والأحق في الأمور، أو التوخي الدقيق لما هو أجدر وأحرى للحق والحقيقة .
وهذه المعاني في مجملها تتضافر معبرة عن الاجتهاد الإنساني الدقيق لمعرفة أولى الأمور أو أجدرها بالمعرفة، من أجل الوصول إلى حقيقتها فالمعلومة المفيدة – وفقاً لذلك – هي هدف التحري ومطلوبه ، و بالاجتهاد والجد يحصل على تلك المعلومة، و لتكون الدقة والشمول هما سماته وشروطه.
ويمكن أن نستنبط معنى التحريات لغوياً على أنه "الاجتهاد في معرفة أحرى الأمور وأولاها بالحقيقة" ، والتحري وفقاً لهذه المفاهيم لا يعدو أن يكون عملاً بشرياً، وبالتالي فإنه عرضة لأن يعتريه النقص، أو يشوبه القصور اللذان يباعدانه عن بلوغ هدفه المثالي، ألا وهو الوصول للحقيقة بمعانيها كاملة .
أما كلمة الاستدلال :
فهي مشتقة من كلمة دل، وقد وردت في اللغة بمعنى أرشد وهدى، ووردت كلمة استدل بمعنى طلب أن يُدل عليه، كما وردت للدلالة على ما يقوم به الإرشاد، وبمعنى البرهان، وبمعنى المرشد، فالاستدلال يعني طلب اقامة الدليل على الشئ. ([9])
وتخلص الباحثة مما سبق أن كلمة التحري والاستدلال وردتا في اللغة بمعنى مشابه، إذا كان الفعل تحري يقصد به في اللغة طلب الأمر، وكلمة استدل يقصد بها طلب أن يدل عليه، فإن معنى ذلك أن الكلمتين في اللغة مفردتان تدلان على معنى واحد.
المطلب الثاني
تعريف التحرى اصطلاحأ
لم يضع المشرعون عموماً تعريفاً لمصطلح التحري ، وإنما اكتفوا بالإشارة لمضمون المصطلح من خلال قوانين الإجراءات الجنائية وقوانين الشرطة وقوانين أصول المحاكمات الجزائية ، وأن عرفته أو فسرته بعض تلك القوانين كقانون الإجراءات الجنائية السوداني الا أنه لم يكن تعريفاً دقيقا وافياً، وقد أُسندت مهمة إجراء التحريات وجمع المعلومات لمأموري الضبط القضائي، وألزموا القيام بها بأنفسهم، أو بواسطة مرؤوسيهم، أو مرشديهم، بالتحري عن الوقائع التي تبلغ إليهم ، أو التي يعلمون بها بأي طريقة كانت، ومن ثم فإن سلطة مأمور الضبط القضائي في إجرائها متروكة لاجتهاد الفقهاء والقضاء([10]).
 ويتجه الفقه والقضاء في تعريف التحريات وفقاً للمعنى الاصطلاحي الى اتجاهات ثلاثة :
الأول: يهتم بالشكل أو الهيئة.
والثاني:  يركز على المضمون.
الثالث: يجمع بين الشكل المضمون في معنى واحد .
فالتحريات وفقاً للاتجاه الأول(الشكلي) تعني : الوسيلة أو الطريقة التي يتم بمقتضاها الوقوف على حقيقة أمر من الأمور، فهي عبارة عن الإجراءات اللازمة للكشف عن الجرائم ومعرفة مرتكبيها([11])، أو هي عملية تجميع للقرائن والأدلة التي تثبت وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها([12])، أو إجراءات جمع واستقصاء وتمحيص المعلومات عن الاشخاص و الأشياء و الأمور بهدف التوصل لكشف الحقيقة. ([13])
ووفقاً للاتجاه الثاني (الموضوعي) فتعني : المحتوى أو النتيجة التي يتم التوصل إليها بالفعل في حقيقة امر من الأمور، فقد عرفت التحريات على أنها "المعلومات والحقائق والأخبار والأدلة التي تساعد في الوصول إلى معرفة موضوع معين واستجلاء جوانبه ووضوح معالمه"، أو "هي المعلومات التي جمعت عن الوقائع المطلوب معرفة حقيقتها، أو أي وقائع تصل إلى علم مأموري الضبط القضائي أو مرؤوسيهم"، وقد ذهب جانب من الفقه إلى القول أن جوهر التحريات هو جمع البيانات كلها والمعلومات الصالحة للتنقيب عن الجرائم، ومعرفة مرتكبيها وظروفها من سائر المصادر المتاحة لمأمور الضبط أو لمن يعاونه من مساعديه.
وهي وفقاً للاتجاه الثالث (المختلط) تعني: المعلومات التي يجتهد في التوصل إليها بالطرق والوسائل المشروعة والمعهودة في البحث عن حقائق الأمور، بعد تمحيص هذه المعلومات بهدف إقناع السلطة التي تقدم إليها بالتصرف على وجه معين، أي أنها لا تخرج في المجال الجنائي عن إجراءات البحث عن الجرائم، والتحقق من صحة الوقائع المبلغ عنها، وجمع كافة القرائن التي تفيد نفي حدوث الواقعة أو صحة وقوعها ومبلغ اتصالها بشخص معين([14]) ويفضل جانب آخر من الفقه عدم استخدام أي من لفظي التحري والاستقصاء، ويؤثر استخدام لفظ استدلال فى مجموعة الإجراءات التمهيدية السابقة على تحريك الدعوى الجنائية والتي تهدف إلى جمع المعلومات في شأن جريمة أُرتكبت كي تتخذ سلطات التحقيق بناء عليها القرار فيما إذا كان من الجائز أو من الملائم تحريك الدعوى الجنائية. ([15])
فوظيفة التحريات لا تقتصر على مجرد تجميع الأدلة والقرائن التي تفيد وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، بل يجب أن تتضمن كذلك المعلومات والقرائن التي تعزز موقف المشتبه فيه وتنفي عنه ارتكابه الجريمة .
ونستخلص تعريفًا للتحرى الجنائي بأنه "جمع المعلومات عن الجريمة ومرتكبها والأحداث والملابسات التي أحاطت بها" وهذه المعلومات يتم الحصول عليها بسؤال شهود الواقعة مثلاً، و بالتثبت من شخصية المجني عليه وما يدور حوله من أسباب دعته لارتكاب الجريمة، ورفع هذه المعلومات للنيابة العامة ، بالإضافة إلى تقديم هذه الأدلة والبراهين في نطاق المحضر المحرر للقضاء لكي يبني عقيدته على وقائع ملموسة تمكنه من الحكم وهو مطمئن البال.

المطلب الثالث
تعريف التحري في التشريع العراقي
للتحرى أهمية كبيرة في الوقوف على السبب الحقيقي المجهول لوقوع حادث جنائي ما ، وجمع الأدلة التي تكشف شخصية الجاني وكيفية ارتكاب الجريمة مع ربط العلاقة بينهما باستخدام الوسائل العلمية والأساليب المشروعة التي توصل إلى كشف غموض الجريمة وظهور الحقيقة.
و يعد جهاز الشرطة الجهاز الداعم والمساند للادعاء العام الذي يأمر باتخاذ كافة إجراءات التحري للوصول إلى حيثيات الجريمة، وتتولى الشرطة أعمال الضبط سواء كان ضبطًا إداريًا أو ضبطًا قضائيًا، المعتمدة في الغالب على التحريات، عليه فقد تكون التحريات إجراء ضبط إداري، أو إجراء ضبط قضائي فالأولى تهتم بالحد من الحوادث المخلة بالأمن والنظام العام بمنع وقوعها، في حين الثانية تتبع الجريمة بعد وقوعها من خلال بحث و جمع أدلة الإثبات ، فإذا كانت التحريات الإدارية تجرى قبل وقوع الجريمة فإن التحريات القضائية لا يجوز إجراؤها إلا بعد وقوع الجريمة بالفعل ، وبذلك تتنوع التحريات حسب الهدف منها، وحسب موضوعها وحسب الجهة التي تطلبها([16]).
لم يرد تعريف للتحري في القوانين الجنائية العراقية النافذة (قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969 وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971) على الرغم من أن الاخير قد حدد المكلفين به و كيفية إجراءه وجهات الرقابة والاشراف عليه ، وترك تعريفه للباحثين والفقهاء وذوي الاختصاص القانوني كما يفهم من نص المادة 130 أصولية بفقراتها أن عملية التحري هي مرحلة تحضير تسبق مرحلة التحقيق الابتدائي التي هي مرحلة تمحيص وتدقيق الادلة للوصول الى القرار المناسب بإحالة القضية الى الجهات المختصة متى كانت الادلة كافية للاحالة او غلق الدعوى مؤقتاً اذا كانت الادلة غير كافية للاحالة او غلق الدعوى مؤقتا ان كان الحادث قضاء وقدراً او اذا كان الفاعل مجهول الهوية او عند رفض الشكوى لذا نجد تعريف عملية التحري عن الجرائم قد اشملها الحسني فى تعريفه بأنها المصدر الأهم الذي يزود القضاء الجنائي بالمواد الأولية اللازمة، وكلما تمت بفعالية كلما أدت إلى تنشيط نظام العدالة الجنائية([17]) .
  وهكذا يكون التحري هو أول خيوط كشف وقوع الجريمة المشتبه بها ونسبتها للمشتبه فيه وفقاً لاجراءات رسمها النص التشريعي للقائمين عليه ، لتكون المعلومات المتحصلة عنه داعماً لجميع مراحل التحقيق بما فيها تفتيش الاشخاص والاماكن(التي تعتبر من الاجراءات الماسة بالحقوق والحريات الشخصية) في حال اسفرت التحريات عن دلائل قوية في نسبة التهمة لشخص بعينه ، فالتحري وسيلة ضرورية وهامة لاستقصاء وجمع المعلومات التي تقود الوصول الى الحقيقة.


المبحث الثاني
الجهات المختصة بإجراء التحري في التشريع العراقي
إن عملية التحري عن الجرائم كلما أدت عملها بفعالية كلما إنعكس ذلك إيجابا على نظام العدالة الجنائية، وإن لم تخلو الممارسات القضائية من وجود عدة ثغرات ومشاكل وثيقة الصلة  بالنصوص القانونية الخاصة بهذه العملية مما يوجب مواجهتها وتقديم الحلول لها، فأغلب القوانين الجزائية الإجرائية ومنها قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 قد نظمت نصوصه عملية التحري.
كما يسهم جهاز الإدعاء العام وفقاً لقانونه الصادر بالرقم 49 لسنة 2017 مع غيره من الجهات القضائية والجهات المختصة الأخرى في الكشف السريع عن الأفعال الاجرامية والمتمثلة بأعضاء الضبط القضائي، الذين نصت عليهم أغلب قوانين الإجراءات الجنائية وحددت سلطاتهم في التحري وجمع الأدلة ومساعدتهم لسلطات التحقيق الابتدائي فألقت على عاتقهم إجراءات التحري وجمع الاستدلالات التي تسبق التحقيق في الدعوى العامة، كما أوجبت عليهم قبل ذلك البحث عن الجرائم ومرتكبيها عند تلقي البلاغات عنها(18)، ولم يخرج نظامناً التشريع عن ما انتهجته تلك التشريعات بالنص وتحديد من هم أعضاء الضبط القضائي ، وماهية إختصاصاتهم وواجباتهم أثناء عملية التحري وجمع الأدلة
المطلب الاول
الجهات المختصة بإجراء التحري
وتتمثل الجهات المختصة بإجراء التحري في القانون العراقي بكل من :
أولا- الإدعاء العام العراقي:
فمن أهم الواجبات الملقاة على عاتق الدولة هو حفظ الأمن وحماية الحقوق والحريات من أي اعتداء يقع عليها بقمعه ومعاقبة فاعليه، ومن هنا يبرز دور الإدعاء العام كوسيلة رقابية لحماية القانون وهيبته فيتحرك عند كل مخالفة تطاله، ووفقا لقانونه رقم 49 لسنة 2017 أصبح يتمتع بمركز بارز بين الأجهزة القضائية وله صلاحيات مختلفة في مجال الدعوى العامة، بمراحلها المتعددة، وهو ما يسمى بالدور التقليدي في الدعوى الجزائية بدءًا من إجراءات تحريكها ومباشرتها والتحري وجمع الأدلة فالمحاكمة والطعن وصولاً إلى تنفيذ العقوبة (19) ، كما وله أدوار أخرى في مجال الدعوى المدنية وفي حماية الأسرة والطفولة وفي الحفاظ على أمن الدولة ودعم نظامها وحماية أسسه ومفاهيمه في إطار مراقبة المشروعية واحترام تطبيق القانون وكل هذه الأدوار هى خارج نطاق بحثنا، وما يهمنا دوره في مرحلة التحري وجمع الادلة من خلال الاتي:
 اولاً- اقامة الدعوى بالحق العام ومتابعتها و تعقيبها استنادا الى قانون اصول المحاكمات الجزائية .
ثانيا- الاشراف على اعمال المحققين وأعضاء الضبط القضائي وتفتيش المواقف والسجون والمعتقلات وتقديم التوصيات اللازمة للمراجع المختصة وغير ذلك مما نص عليه في القانون.
ثالثاـــــ مراقبة التحريات عن الجرائم وجمع الأدلة من أي جهة تقوم به وهو مامنحه له  صدر المادة( 5/ثانيا)من قانون الأدعاء العام و الذي أضافها لصلاحياته الواردة في قانون الأصول الجزائية في هذا المجال، فنص على أن قيام أعضاء الضبط القضائي بأعمالهم كل في حدود اختصاصه يكون تحت إشراف الإدعاء العام وطبقًا لأحكام القانون وأوجب على عضو الضبط القضائي إذا اتصل بعلمه أو أخبر عن جريمة مشهودة أن يخبر قاضي التحقيق والإدعاء العام بوقوعها وأن ينتقل فورًا إلى محل الحادث، وتنتهي مهمة عضو الضبط القضائي بحضور القاضي والمحقق أو عضو الإدعاء العام .
رابعا -  وله اتخاذ كل ما من شأنه التوصل الى كشف معالم الجريمة ،وهو تكليف عام أورده المشرع في عجز الفقرة (ثانياً) من المادة (5) من قانونه، حيث جاءت مطلقة ولم تحدد أو تقيد الإجراءات التي يجوز للأدعاء العام اتخاذها من أجل التحري عن الجرائم ومرتكبيها فهو يمارس التحريات والتعقيبات أما بنفسه كالانتقال إلى محل ارتكاب الجريمة لتعيين حالة المكان الذي ارتكبت فيه أو حالة المجني عليه والجاني، ووضع اليد على كل ما يتعلق بالجريمة والأمر بإلقاء القبض على المتهم واستجوابه أو تدوين أقوال الشهود وذوي العلاقة واتخاذ ما يلزم للوصول إلى الحقيقة بالحصول على الأدلة المادية والمعنوية المتعلقة بأثبات إرتكاب الجريمة وكيفية وقوعها ومعرفة فاعلها(20)، كما له أن يكلف أحد أعضاء الضبط القضائي بهذه الاجراءات .
خامسا- ممارسة صلاحيات قاضي التحقيق عند غيابه في مكان الحادث.
سادساــــ النظر في شكاوى المواطنين المقدمة اليه من ذوي العلاقة ، او المحالة عليه من الجهات المختصة وارسالها الى المرجع القضائي المختص ومتابعتها مع بيان رأيه في شأنها.
سابعا ـــ رقابة وتفتيش المواقف واقسام دائرة الاصلاح العراقية ودائرة اصلاح الاحداث وتقديم التقارير الشهرية عنها، الى الجهات المعنية.
ثانيا- قاضي التحقيق:
فهو ايضا معني ومكلف قانونا باتخاذ إجراءات التحري اذا أُخبر بجناية مشهودة وجب عليه ان يبادر بالانتقال الى محل الحادثة كلما كان ذلك ممكناً ويدون إفادة المجنى عليه ويسأل المتهم عن التهمة المسندة اليه ويضبط الاسلحة وكل ما يظهر انه استعمل في ارتكاب الجريمة ويعاين اثارها المادية ويحافظ عليها ، ويثبت حالة الاشخاص والاماكن وكل ما يفيد في اكتشاف الجريمة ويسمع اقوال من كان حاضراً او من يمكن الحصول منه على ايضاحات في شأن الحادثة ومرتكبها وينظم محضراً بذلك وان يخبر الادعاء العام بذلك.
   وبذلك نجد أن جهاز الشرطة هو أول المكلفين أصالة بالتحري و لم يخرج المشرع العراقي عن الاجماع العالمي الجنائي في تكليفه بهذه المهمة إضافة لأعضاء الضبط القضائي المحددين بالنص وقاضي التحقيق في الجناية المشهودة وجميعهم يقومون بالتحري تحت إشراف الادعاء العام وعلمه والذي قد يباشره بنفسه .

ثالثا- (أعضاء الضبط القضائي) وفقا للمادة (39) من قانون أصول المحاكماة الجزائية رقم 23 لسنة1971:
1. ضباط الشرطة ومأمورو المراكز والمفوضون.
2. مختار القرية والمحلة في التبليغ عن الجرائم وضبط المتهم وحفظ الاشخاص الذين تجب المحافظة عليهم.
3. مدير محطة السكك الحديدية ومعاونه ومأمور سير القطار والمسؤول عن ادارة الميناء البحري او الجوي وربان السفينة او الطائرة ومعاونه في الجرائم التي تقع فيها.
4. رئيس الدائرة او المصلحة الحكومية او المؤسسة الرسمية وشبه الرسمية الجرائم التي تقع فيها.
5. الاشخاص المكلفون بخدمة عامة الممنوحين سلطة التحري عن الجرائم واتخاذ الاجراءات بشأنها في حدود ما خولوا به بمقتضى القوانين الخاصة.

المطلب الثاني
أعضاء الضبط القضائي المختصين بإجراء التحري أصحاب الاختصاص العام و الخاص
يتبين لنا من النص القانوني الوارد في المادة (39 ) أصولية الخاص بتحديد أعضاء الضبط القضائي إنقسامهم من حيث جهة إختصاصهم الى فئتين :
أولا: أعضاء الضبط القضائي الممنوحين سلطة التحري بصفة عامة عن الجرائم سواء كانت لها علاقة بوظيفتهم أو لم تكن و هم:
1-  أعضاء الضبط القضائي بالنسبة للجرائم التي تقع في نطاق الدائرة أو المصلحة التي يعملون فيها وهم:
أ‌- مدير محطة السكك الحديدية ومعاونه ومأمور سير القطار.
ب‌- ربان السفينة او الطائرة ومعاونه.
ت‌- المسؤول عن ادارة الميناء البحري او الجوي.
ث‌- رئيس الدائرة او المصلحة الحكومية او المؤسسة الرسمية وشبه الرسمية.
2- أعضاء الضبط القضائي بالنسبة لجميع الجرائم التي تقع في دائرة إختصاصهم و منهم ضباط الشرطة ومأمورو المراكز والمفوضون،كما وقد يحدد إختصاصهم في نطاق إقليمي كما قد يشمل جميع أنحاء البلد. (21)
ثانيا: أعضاء الضبط القضائي الممنوحين سلطة التحري بصفة خاصة عن جرائم تحددها طبيعة وظائفهم ويمنحون سلطة التحري بموجب قوانين خاصة وفي حدود ماتخولهم به تلك القوانين، ومنحهم صفة عضو الضبط القضائي لايعني زوال تلك الصفة بشأن هذه الجرائم عن أعضاء الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام لانهم يباشرون أصلاً إختصاص ذوي الاختصاص الخاص، وما دامت سلطة عضو الضبط القضائي تحدد بجهة خاصة فإذا خرج عنها يفقد سلطته تلك مما يترتب على ذلك بطلان ماقام به من إجراءات ، الا أن هذا البطلان ليس من النظام العام حيث يثيره من يريد التمسك به كما لايجوز إثارته لاول مرة أمام محكمة التمييز. (22 )
وكلا الفئتين تعملان تحت إشراف ورقابة الإدعاء العام استنادًا لصريح أحكام المادة (40/أ) الأصولية والمادة(5/ثانيا) من قانون الادعاء العام في عملية التحري وسنتناولهم بالتوضيح الاتي:
1.    ضباط الشرطة ومأمور المراكز والمفوضون:
تجمع أنظمة الحكم المختلفة في العالم على أن لجهاز الشرطة وظيفة قضائية، بالإضافة إلى وظيفته الإدارية، فالمهام المنوطة به تنقسم إلى قسمين أساسية أولهما مهامه كسلطة ضبط إداري، و التي يقوم بها لحماية الإفراد لما قد يتهددهم من جرائم (الوقاية من الجريمة قبل وقوعها)، وثانيهما مهامه كسلطة ضبط قضائي، عند قيامه بملاحقة المجرمين و القبض عليهم و البحث عن أدلة الجريمة، أي التعامل مع الجريمة ( بعد وقوعها)، ولتحديد طبيعة الضبط فيما إذا كان ضبطا إداريا أو قضائيا، فقد اعتمد معيار الغاية من الضبط من قبل القضاء الفرنسي ، فيكون ضبطا قضائياً إذا كانت غايته إثبات جريمة، وجمع أدلتها وتسليم مرتكبها للعدالة ، أما إذا كانت غاية الضبط منع اضطراب النظام العام والإخلال به، فيكون حينئذ ضبطا إدارياً (23).
كما تجدر الاشارة الى أنه ليس كل رجل شرطة هو عضو ضبط قضائي، فلا يكفي مجرد كون الشخص من رجال الشرطة لمنحه صفة الضبط القضائي لأن هذه الصفة لا ترتبط بالدرجة العسكرية إنما بالوظيفة (24) ، فالمشرع حصرهم في ثلاثة أصناف وهم الضباط، ومأمورو المراكز، والمفوضون، فضابط الشرطة هو من يحمل رتبة ملازم فما فوق، أما مأمور المركز فهو من تناط به مهمة إدارة المركز، ولم يعد لهذا المنصب وجود بعدما انيطت هذه المهمة بالضباط بدلا من المفوضين واستبدلت وظيفة مأمور المركز بضابط المركز ، أما المفوضون فهم من تقل رتبتهم عن ملازم وتزيد على ضابط الصف، فهؤلاء هم الفئة الأصيلة المنوط بهم البحث عن الجرائم عند حضورهم إلى مكان الجريمة وعليهم إكمال مقتضيات التحري وفقا للإجراءات المحددة قانونا وعلى الفئات الأخرى من أعضاء الضبط القضائي إبداء المساعدة اللازمة إليهم، أما باقي أفراد الشرطة الغير مكلفين بعملية التحري فعليهم بالإضافة إلى إخبار مرجعهم عن كل جريمة علموا بها، إبداء المساعدة اللازمة لبقية أعضاء الضبط القضائي من كل الفئات الأخرى عند الاستعانة بهم، فوظيفة الشرطة أثناء ذلك هي تأمين حريّة العمل للمكلّفين بمهمّة التحري والقيام بحمايتهم دون ألاشتراك معهم بتنفيذ مهمّتهم لأنّها خارج صلاحيّتهم ، وبخلاف ما هو سائد لدينا، فان تشريعات بعض الدول تميز بين نوعين من الشرطة وهما : الشرطة الإدارية والشرطة القضائية، ويتسم عمل الشرطة الإدارية بطابع وقائي بحت بالحيلولة دون وقوع الجريمة حيث تعمل على الوقاية منها قبل ارتكابها، بمراقبتها للاماكن العامة وتواجدها المستمر للحفاظ على الأمن العام، دون أن تكون لها صلاحية للتدخل بعد ارتكاب الجريمة(25) ، أما الشرطة القضائية فتبدأ وظيفتها حيث تنتهي وظيفة الشرطة الإدارية أي بعد وقوع الجريمة للتثبت من حصولها، و البحث عن مرتكبيها وجمع أدلتها ، فهو هنا جهاز يعمل لمساعدة القضاء على تحقيق العدالة ومعاقبة مرتكبي الجرائم، وهناك من يرى أن واجبات الضبط القضائي بالرغم إنها أعمال قضائية إلا أنها منحت إلى جهات غير قضائية على سبيل الاستثناء للحاجة الماسة، لأن رجال الشرطة وباقي أشخاص الضبط القضائي هم على اتصال مباشر بالمجتمع و منتشرون بحكم عملهم بين جميع طبقات الشعب، وفي كل مكان داخل البلد، فقيام رجال الشرطة على الأخص بوظيفتهم كشرطة إدارية لمنع ارتكاب الجرائم يزودهم بمعلومات وافية ودقيقة ويمنحهم خبرة فنية تجعل مساعدتهم لرجال التحقيق أمرا فاعلا ومهما، لأن من مصلحتهم إظهار الجرائم و ومرتكبيها، فالجمع بين وظيفة الضبط الإداري والضبط القضائي في يد واحدة، أمر يمهد لمنع الجريمة قبل ارتكابها،كما يسهل القبض على فاعلها.(26)
وبالرغم من سكوت بعض القوانين الإجرائية عن الضابطة الإدارية فان لها دورا هاما في الأمور الجزائية أوضحته التشريعات الخاصة بها فمن واجباتهم منع وقوع الجرائم ومراقبة الأشخاص المشتبه بهم وتنفيذ ما تأمر به القوانين التي تمنع حمل السلاح والمتاجرة بالمواد السامة والمحافظة على الأملاك الخاصة والعامة، والقيام بالدوريات الليلية والنهارية وبث العيون لتقصي آثار المجرمين وغيرها من الأمور التي تمارسها بما يحفظ النظام في المجتمع ومعاونة اعضاء الضابطة القضائية بالقوة المسلحة كلما طلبوا إليها ذلك (27).
2.    مختار القرية والمحلة في التبليغ عن الجرائم وضبط المتهم وحفظ الأشخاص الذين تجب المحافظة عليهم:
المختارون أسوة بأعضاء الضبط القضائي الآخرين مكلفون بقبول الإخبار والشكاوى عن الجرائم التي ترد اليهم و التحري بشأنها وعليهم تقديم المساعدة لضباط الشرطة ومفوضيها و لقضاة التحقيق والمحققين وتزويدهم بما يصل إليهم من المعلومات عن الجرائم وضبط مرتكبيها وتسليمهم إلى السلطات المختصة ، و عليهم إخبار قاضي التحقيق والادعاء العام بوقوع الجريمة المشهودة حال علمهم بها ويتخذوا جميع الوسائل التي تكفل المحافظة على أدلتها وكل ما يفيد في اكتشافها ويتخذوا بقية الإجراءات التي أوجبها القانون وتثبيت جميع ما يقومون به في محاضر أصولية، كما يكونوا ملزمين قانوناً بالقبض على كل شخص صدر بحقه أمر قبض من سلطة مختصة وكل من كان حاملاً سلاحاً ظاهرا أو مخفياً خلافا للقانون وكل شخص ظُن لأسباب معقولة انه ارتكب جناية أو جنحة عمدية ولم يكن له محل إقامة معين وكل من تعرض لأحد أعضاء الضبط القضائي أو أي مكلف بخدمة عامة في أداء واجبه وفق أحكام المادة (103)أصولية و عليهم تسليم المقبوض عليه إلى اقرب مركز شرطة (28) ونظرا لأهمية دور المختارين شرع قانون المختارين رقم 12 لسنة 2011 الذي حدد الواجبات التي على المختار القيام بها بنص المادة( 6/أولا ، ثانياً، ثالثاً، رابعاً ، ثامناً ) وهي مهام عضو الضبط القضائي و مرافقة الأجهزة المختصة عندما يقتضي الأمر إجراء التحري أو التفتيش أو إلقاء القبض على من يعنيهم الأمر و إخبار الأجهزة المختصة عن الحالات المشتبه بها التي تهدد الأمن والاستقرار المجتمعي، و مسك السجلات الخاصة بالمحكومين والمطلق سراحهم من الاشخاص الساكنين ضمن منطقة عمله والتأكيد على عدم التهاون بأداء أي من الواجبات التي أوردها القانون المشار إليه آنفا لاسيما التي تتعلق بمهام عضو الضبط القضائي ومرافقة الأجهزة المختصة وتقديم الاخبارات المطلوبة لتنفيذ أوامر القضاء.
ورغم صلاحياتهم الواسعة إلا أنهم لا يكونوا موفقين في أدائها، فكما هو معلوم أن التحري هو عمل قضائي يتطلب دراية كافية بالشؤون والنصوص القانونية من حيث كيفية البحث عن الجرائم و المحافظة على مسرحها وتنظيم المحاضر الخاصة بعملهم وإجراءاتهم ، وواقعاً فأكثر مختارينا لم يكملوا المرحلة الابتدائية من دراستهم أو أنهم لايعرفون القراءة والكتابة.
3.  مدير محطة السكك الحديدية ومعاونه ومأمور سير القطار والمسؤول عن إدارة الميناء البحري أو الجوي وربان السفينة أو الطائرة ومعاونه في الجرائم التي تقع فيها:
كان بإلامكان درج هذه الفئة ضمن الفئة الرابعة الخاصة برؤساء الدوائر والمصالح والمؤسسات الرسمية أو شبه الرسمية، فهم جميعاً تابعين لتشكيلات وزارة النقل، إلا أن المشرع أفردهم بالنص نظرا لما يتميزون به من خصوصية في عملهم الذي لا يتعدى حدود المركبة التي يقودوها وانقطاعهم عن السلطات المختصة بالتحقيق.
4.    رئيس الدائرة أو المصلحة الحكومية أو المؤسسة الرسمية وشبه الرسمية في الجرائم التي تقع فيها:
كما هو معلوم فالدائرة أو المصلحة أو المؤسسة كلها من المرافق العامة التي عرف العلامة ديجي المرفق العام بأنه كل نشاط تنظمه وتتولاه وتشرف عليه السلطة العامة(المتمثلة بالحكام) بقصد تحقيق التضامن الاجتماعي الذي لايمكن تحقيقه على الوجه الكامل الابتدخل السلطة الحاكمة،و هو بذلك كل نشاط يباشره شخص عام بهدف أشباع حاجة عامة (.(29
5.  الأشخاص المكلفون بخدمة عامة الممنوحون سلطة التحري عن الجرائم واتخاذ الإجراءات بشأنها في حدود ما خولوا به بمقتضى القوانين الخاصة :
تلك القوانين التي تنظم العلاقات التي لا تكون الدولة طرفاً فيها بصفتها السيادية ، وهؤلاء الأشخاص الممنوحين هذه السلطة هم في الأصل موظفون غير قضائيين ألحقوا بالضابطة القضائية من اجل ملاحقة جرائم معينة بذاتها بموجب قوانينهم الخاصة لذا فقد دعوا بأصحاب الاختصاص الخاص ومن هؤلاء الأشخاص: ضابط الجوازات (30)، العاملون في مجال الصحة والتربية والمراكز الرسمية (31) ، مفتشو مراقبة تنفيذ قانون تنظيم تداول المواد الزراعية (32)، المشرفون على تجارة الإحياء المائية(33)،ضابط الإقامة (34)، وموظفو الكمارك (35)، مراقبو صلاحية العداد وسلامة أختامه (36)، موظفو دائرة الوسم (37)، مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال (38)، منتسبو وموظفو مصلحة المصايف والسياحة (39)، وحارس المقبرة الجماعية الجزائية (40)،الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في إقليم كوردستان (41)، للجان الانضباطية التي تشكلها الدوائر الحكومية بحق منتسبيها (42) ، مفتشو المستشفيات الأهلية (43) ...وكل من يخوله قانونه الخاص صلاحيات الضابطة القضائية.

المطلب الثالث
النتائج و التوصيات
الاستنتاجات: يمكن أن نشير لاأهم أسباب ضعف عملية التحرى عن الجرائم فى النظام القضائى العراقى كما يلى:
1-  بالرغم من تحديد جهة الرقابة والاشراف على أعمال التحري من قبل الادعاء العام الا أن الغموض يكتنف النصوص القانونية المتعلقة بعملية التحرى عن الجرائم فى النظام القضائى وعدم إصدار تعليمات خاصة توضح آلية و إدارة هذه المنظومة.
2- عدم أهلية أغلب القائمين بهذه المهمة على الرغم من توسع المشرع العراقى في عدد اعضاء الضبط القضائي الا أنه لم يشترط أية دراية قانونية لتولى هذه المهمة وهذا ما أدى إلى عدم إدراك أغلب أعضاء الضبط القضائى لأهمية المهمة القضائية الموكولة إليهم.
3-  عدم وجود مخصصات لقاء مايقوم به أعضاء الضبط القضائى كحافز لهم مع عدم معاقبة المقصرين منهم .
4- أغلب أعضاء الضبط القضائى من منتسبى القطاع العام وهذا إن كان يتلاءم مع النظام التقليدى السابق حيث كانت أغلب المرافق المهمة بيد الدولة ،وهو ما لايتوافق مع استحواذ القطاعات الخاصة على أهم المرافق الخدمية.
5- أن أعضاء الضبط القضائى العراقى قد أهملوا واجبهم الحقيقى كمتحرين عن الجرائم وركزوا مهمتهم فقط على تلقى الأخبار عن الجرائم، فقلما نجد أحدهم وحتى كضابط شرطة باعتباره المتحرى الأصيل يتحرى تلقائياًعن الجرائم، بل ينتظر تقديم شكاوى أو إخبارية ليقدمها بمطالعة إلى قاضى التحقيق، و معظمهم يغضون النظر عن جرائم جسيمة دون أن يتجرأوا فى إشعار السلطات المختصة.
التوصيات:
وعلى ضوء نتائج البحث نوصي بالاتي:
1- وضع نصوص قانونية تنظم آلية الرقابة والاشراف على أعمال الضبطية القضائية في أداء مهمتها في التحري مراعاة لمبدأ الشفافية وبما يضفي الجدية والتفاني بأداء تلك المهام وبما يحقق الدقة والسرعة .
2- فتح دورات تدريبية لاعضاء الضبط القضائي من رؤساء الوحدات الادارية ورؤساء وأعضاء المحاكم الجنائية الشعبية في الريف أو المدينة تؤهلهم للقيام بمهمة التحريات و تنمية قدراتهم وصقل خبراتهم فى عمليات جمع المعلومات والتحريات والإلمام بأسلوب التحرى والبحث فى كافة الجرائم المستحدثة كي يكونوا على درجة من الثقافة والعلم خاصة في النواحي القانونية
3-   صرف مخصصات مادية ومكافئات نقدية وعينية لحث القائمين بالتحري لأدائهم تلك المهمة إلى جانب مهمتهم الرئيسية.
4- المكلفون بالتحري وبالبحث عن الجرائم في أصول محاكمات الجزائية العراقي من اعضاء الضبط القضائي هم من منتسبي المرافق العامة أو القطاع العام وفقاً للنظام التقليدي السابق عندما كانت تلك المرافق بيد الدولة ،فمن الضروري تدخل المشرع بعد استحواذ القطاعات الخاصة على أهم المرافق الخدمية لإلزام مسؤولي تلك القطاعات بمهمة البحث عن الجرائم كل ضمن قطاعه.
5- فتح دورات لأعضاء الادعاء العام لإلمامهم بمقتضيات العملية الإشرافية وكيفية توجيه جهود مرؤوسيهم من أعضاء الضبط القضائى لإنجاز عملية التحرى بالشكل الملائم والصحيح وبما يحثهم على أداء واجبهم الحقيقى كمتحرين عن الجرائم .







المصادر
1-    جمال محمد مصطفى، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، بغداد، العراق. بدون تاريخ نشر
2-    محمد عودة الجبور، الإختصاص القضائي لمأمور الضبط، دراسة قانونية، بيروت، الدار العربية للموسوعات، 1986،ص72  .
3-    الآية 32 من سورة المائدة.
4-    د. محمد حماد الهيتي. أصول البحث والتحقيق الجنائي، موضوعه، أشخاصه، القواعد التي تحكمه، القاهرة: دار الكتب القانونية، 2008 ، ص 15.
5-    مختار الصحاح، للشيخ محمد أبي بكر الرازي، المطبعة الأميرية، 1992، باب "حرا" ، ص133.
6-    المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ح1، ط3، ص176 .
7-    ابن منظور،لسان العرب،المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1961، الجزء الثاني، ص853.
8-    فاضل زيدان محمد، سلطة القاضي الجنائي في تقدير الادلة، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون جامعة بغداد ، 1987 ، ص46.
9-    المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية، طبعة 1993، ص232 .
10-     د. عبد الرحمن محمد عبد الله، سلطة مأموري الضبط القضائي في حالة الجريمة المشهودة، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا، أكاديمية الشرطة، 1998، ص166 .
11-     د. عمر الفاروق الحسيني، احكام وضوابط الاستيقاف، والضبط في الفقه والتشريع في مصر والكويت، دار النهضة العربية، 1995، ص60.
12-     د. مأمون سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار النهضة العربية، 1992، ص432 .
13-     عميد. فاروق عبد الرحمن احمد، تحريات الشرطة ودورها في مكافحة الجريمة، بحث مقدم إلى معهد القادة لضباط الشرطة، أكاديمية الشرطة، الدورة 41 عليا، 1983، ص18 .
14-     أحكام الننقض 13/1/1996، مجموعة أحكام النقض، س17، رقم 2، ص51.
15-     الاستاذ الدكتور/محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية،1982، ص337.
16-     مصطفى محمد موسى، قواعد وإجراءات البحث الجنائي لكشف غموض الجرائم المعلوماتية والتخطيط لها، مرجع سابق، ص 2.
17-      عباس الحسني، شرح قانون العقوبات العراقي الجديد، القسم العام، مطبعة الأزهر، 1969-1970، ص333-341 .
18-     ممدوح إبراهيم السبكي،حدود سلطات مأمور الضبط القضائي في التحقيق، القاهرة، دار النهضة العربية، 1998ص36.
19-  محمد حسن كاظم، دور الإدعاء العام في التحري والتحقيق الابتدائي، جامعة ذي قار، مجلة جامعة ذي قار، المجلد 9، العدد 3 أيلول، 2014، ص 9 وما بعدها.
20-  عبد الامير العكيلي – د.سليم حربة- أصول المحاكمات الجزائية في الدعوى الجزائية،الدعوى المدنية،الادعاء العام،التحري والتحقيق،الاحالى على المحكمة المختصة-لايوجد اسم المطبعة - بغداد 1987، ج1ص95.
21-     عبد الامير العكيلي – د.سليم حربة- مصدر سابق ،ص95.
22-     د.سامي النصراوي-دراسة في أصول المحاكمات الجزاية-مطبعة دار السلام-بغداد 1978، ج1ص324.
23-     انظر المادة ( 66 ) من تعليمات النيابة العامة المصرية.
24-     الحسن البوعيسي: عمل الضابطة القضائية بالمغرب، دراسة نظرية وتطبيقية، طبعة 2001، الطبعة الثانية، ص28.
25-     عبدالامير العكيلي، مرجع السابق، ص 11.
26-  د.كامل السعيد، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية/نظريتا الاحكام وطرق الطعن فيها، دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة في القوانين الاردنية والمصرية والسورية ،عمان، دار الثقافة والنشر والتوزيع، ط1/2001، ص 263.
27-  د.عبد القادر محمد القيسي،التحقيق الجنائي السري{ماهيته،نطاقه القانوني والشخصي،مداه الزمني}الطبعة الاولى 2016،المركز القومي للاصدارات القانونية،القاهرة،ص50.
28-     د.عمار بوضياف،الوجيز في القانون الاداري،جسور للنشر والتوزيع،2013،ص73.
29-     كامل السعيد، مرجع السابق،ص 305.
30-     المادة (7) من قانون جوازات السفر رقم 32 لسنة 1999.
31-     المادة (الثانية/ثانيا) من قانون مناهضة العنف الأسري في إقليم كوردستان رقم 8 لسنة 2011
32-     المادة (10) من قانون تنظيم تداول المواد الزراعية رقم 46 لسنة 2012.
33-     المادة ( 16 / ثالثا ) من قانون تنظيم صيد واستغلال الأحياء المائية وحمايتها رقم 48 لسنة 1976.
34-     المادة ( 29 ) من قانون إقامة الأجانب رقم  118لسنة 1978.
35-     المادة (176/أولا) من /قانون-الكمارك-رقم-23-لسنة-1984-المعدل.
36-     المادتين (38 ،57) من قانون النقل رقم (80) لسنة 1983 .
37-     المادة (14 ) من قانون وسم المصوغات رقم 83 لسنة 1976.
38-     المادتين (7 ،9) من قانون مكافحة غسيل الاموال و تمويل الارهاب رقم (39) لسنة 2015.
39-     المادة (13) من قانون تنظيم شركات ومكاتب ووكالات السفر والسياحة رقم (49) لسنة 1983 المعدل.
40-     المادة ( 16) من قانون شؤون المقابر الجماعية المعدل رقم 5 لسنة 2006.
41-     المادة ( 4/سابعا) من قانون الهيئة المستقلة لحقوق الانسان فى اقليم كوردستان رقم (4) لسنه 2001.
42-     المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل.
43-     المادة ( 26 مكررة ) من قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981.