كود ذكر المصدر

الراديو

...

كود مشاركة المواضيع في الفيس وتويتر

اخر الاخبار

اترك رسالتك

تحديث

.

.

.

.

مجلة نادي قضاة التحكيم الدولي | شروط صحة حكم التحكيم| الباحث / عبد الرحمن البنا|عضو اللجنة الثقافية بنادي قضاة التحكيم الدولي



شروط صحة حكم التحكيم 
الباحث / عبد الرحمن البنا
 عضو اللجنة الثقافية بنادي قضاة التحكيم الدولي 

يُعرف حكم التحكيم بأنه ذلك القرار الصادر عن المحكم الذي يفصل بشكل قطعي، على نحو كلي أو جزئي في المنازعة المعروضة عليه، سواء تعلق هذا الحكم القرار بموضوع المنازعة ذاتها أو بالاختصاص أو بمسألة تتصل بالإجراءات أدت بالمحكم إلى الحكم بإنهاء الخصومة
وحكم التحكيم التجاري الدولي حتي يكون صحيحاً وفاصل في النزاع بشكل نهائي، فيشترط أن يتوافر فيها بعض الشروط سواء من الناحية الموضوعية أو الشكلية ، نتناولها من خلال فرعين على نحو ما يأتي.  
الفرع الأول
الشروط الموضوعية لصحة حكم التحكيم
يشترط لصحة حكم التحكيم التجاري الدولي من الناحية الموضوعية شروط يلزم توافرهما حتى يكون الحكم صحيحاً ونافذ في إنهاء الخصومة بين الطرفين، ويتمثل ذلك فيما يأتي:
الشرط الأول: أن يكون الحكم قطعياً فاصلاً في موضوع النزاع
يشترط لصحة حكم التحكيم التجاري الدولي أـن يكون حكم التحكيم الصادر قطعياً فاصلاً في موضوع النزاع ، بحيث يكون من شأن هذ الحكم حسم النزاع بشكل نهائي، ذلك لأن الغاية من اللجوء إلى التحكيم هو صدور حكم نهائي يفصل بشكل كامل في موضوع النزاع بين الطرفين ، ومن ثم فلا يعد من قبيل أحكام التحكيم النهائية مجرد حث الأطراف أو توجيههم إلى انتهاج أسلوب معين في تنفيذ أسلوب معين ، أو مجرد صدور قرار مؤقت بشأن أمر عاجل
ولهذا فقد نص قانون التحكيم المصري على أنه : على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان
  فالحكم النهائي الصادر من المحكم أو هيئة التحكيم  يجب أن يكون حكما قطعياً يضع حداً للنزاع كله أو جزء منه أو في مسألة متفرعة  عنه، وعلى هذا فالأحكام التمهيدية الصادرة بإجراءات الإثبات وغيرها من إجراءات التحقيق لا تحوز حجية قطعية ولا تعتبر أحكام نهائية لا تقبل الطعن 
الشرط الثاني: يجب أن تصدر هيئة التحكيم حكمها وفقاً للقانون الذي أختاره أطراف النزاع
يشترط كذلك في حكم التحكيم التجاري الدولي حتي يكون صحيحاً، أن يصدر المحكم أو هيئة التحكيم حكمها وفقاً للقانون الذي أختاره أطراف النزاع، وقد نص قانون التحكيم النموذجي على ذلك حيث نص على أنه :  تفصل هيئة التحكيم في النزاع وفقاً لقواعد القانون التي يختارها الطرفان بوصفها واجبة التطبيق على موضوع النزاع ، وأي اختيار لقانون دولة ما أو نظامها القانوني يجب أن يأخذ على أنه أشاره مباشرة إلى القانون الموضوعي لتلك الدولة وليس على قواعدها الخاصة بتنازع القوانين، مالم يتفق الطرفان على خلاف ذلك  
كما أكد قانون التحكيم المصري ذلك حيث نص على أنه : تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق على غير ذلك
فهيئة التحكيم يجب أن يكون حكمها النهائي صادراً  وفقا ً للقانون الذي اتفق عليه أطراف النزاع وما اتجهت إليه إرادتهما في هذا الشأن ، وإذا تجاهل المحكمين ذلك وصدر الحكم بناء على تطبيق قانون آخر غير الذي أتفق عليه أطراف النزاع كان الحكم معيباً ويجوز لكل طرف رفع دعوي البطلان لهذا السبب  
الشرط الثالث: أن يكون حكم التنفيذ الصادر قابلاً للتنفيذ
يشترط كذلك لصحة حكم التحكيم التجاري الدولي أن يكون الحكم الصادر قابلاً للتنفيذ من الناحية المادية والقانونية ، فلو كان الحكم الصادر يستحيل تنفيذه من الناحية المادية –كما لو صدر الحكم بإعادة شيء إلى مكان عليه، وكان هذا الشيء  يستحيل رجوعه-  وكذلك لو كان الحكم الصادر غير قابلاً للتنفيذ من النواحي القانونية لكونه يخالف النظام العام والآداب، حيث يكون الحكم باطلاً في هذه الحوال ولا يتم تنفيذه  
وعلى هذا يجب لصحة حكم التحكيم التجاري الدولي أن تتوافر جميع الشروط السابقة ولا يغني توافر بعض الشروط عن البعض الأخر،  بل يجب توافرها جميعاً حتي يكون الحكم الصادر صحيح ونافذاً في مواجهة جميع الأطراف ومنهي للنزاع.



الفرع الثاني
الشروط الشكلية لصحة حكم التحكيم
يشترط لصحة حكم التحكيم التجاري الدولي توافر بعض الشروط الشكلية وهي شروط مترابطة ومتلازمة يلزم توافرها جميعاً، بحيث لا يغني بعضها عن البعض الآخر، وفي حالة عدم توافر أحد هذه الشروط، يكون حكم التحكيم عرضة للبطلان، وفيما يلي نتناول بيان هذه الشروط على نحو ما يأتي:
1-المداولة قبل إصدار حكم التحكيم:
إذا كانت هيئة التحكيم اكثر من شخص فيشترط إجراء المداولة بين الهيئة قبل إصدار حكم التحكيم بحيث يصدر الحكم بأغلبية الآراء بعد المداولة.
 والمداولة هي إجراء الغرض منه تكوين الاقتناع الداخلي للهيئة مصدرة الحكم فهي مرحلة سابقة لصدور الحكم ، حيث يتم التشاور في الحكم بين أعضاء الهيئة وتبادل الآراء ، للتوصل إلى تكوين الرأي بشأن الحكم بحيث يكون الحكم ثمرة لتعاونه
وقد اشترط قانون التحكيم المصري هذا الشرط في حالة ما إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من شخص حيث نص على أنه : يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفاً التحكيم على غير ذلك 
أما إذا كان المحكم فرد واحد فإنه يصدر حكمه بعد قفل باب المرافعة، وبعد الانتهاء من تقديم كافة الأوراق والمستندات والمذكرات من الأطراف، واستنفاد كافة الفرص لأبداء الطلبات والدفوع، بعدها يقوم المحكم بتدقيق هذه الوثائق ودراسة الموضوع وبعد تطبيق القانون الواجب التطبيق على الوقائع والإجراءات ثم يصدر حكمه
فشرط المداولة يكون في حالة إذا كانت هيئة التحكيم أكثر من شخص، وفي هذه الحالة تجرى المداولة بين هيئة المحكمين بسرية تامة، ولا يحق لهيئة التحكيم أشراك أي شخص آخر بالمداولة من خارج الهيئة التحكيمية، وتجري المداولة ويصدر الحكم بأغلبية الأعضاء وفي حالة مخالفة تلك الأحكام يكون حكم التحكيم معرض للإلغاء بالبطلان، حيث تعد المداولة من القواعد الأساسية في التقاضي والتي يجب على المحكمين مراعاتها لما تكفله من احترام حقوق الدفاع والتوصل إلى حكم عادل  
ولا يشترط إجراء المداولة في نكان معين أو شكل معين، فالمداولة تجري حسب ظروف المحكمين وأماكن تواجدهم، فلو كان التحكيم داخليا فإن الأصل أن تتم المداولة في مقر التحكيم بحيث يتم الالتقاء بين جميع المحكمين وإجراء المناقشة فيما بينهم حول الحكم، أما في مجال التحكيم التجاري الدولي قد لا يتحقق هذا اللقاء في مكان واحد، حيث قد يكون المحكمين من دول مختلفة لهذا تتم المداولة بأشكال أخري، كأن يعد الرئيس مشروع لقرار التحكيم وترسل نسخة منه إلى كل محكم في الدولة التي يوجد بها، ويقوم كل منهما بالإدلاء برأيه عن طريق المراسلة  إلى أن يصل الأمر إلى الاتفاق على صيغة نهائية للحكم بالأجماع أو بالأغلبية  
2-أن يكون حكم التحكيم مكتوباً :
يشترط أن يكون حكم التحكيم التجاري الدولي مكتوباً وإلا كان عرضه للبطلان ، حيث نص قانون التحكيم المصري على  أنه "  يصدر حكم التحكيم كتابة "
كذلك نص قانون الأونسيترال على انه" يصدر قرار التحكيم كتابة ويوقعه المحكم"  
فيشترط أن يكون الحكم الصادر في النزاع محل التحكيم مكتوباً وهذا الشرط نصت عليه الأنظمة القانونية المختلفة، والغرض من صدور الحكم كتابة أن يتسنى إيداعه لدي المحكمة المختصة لإضفاء الصيغة التنفيذية عليه حتى يتم تنفيذه، فالكتابة شرط لوجود الحكم لا لإثباته ، فصدوره شفاهه لا يتحقق به وصف حكم التحكيم ولا يكتسب هذا الحكم حجية الأمر المقضي به ولا يكون واجب النفاذ
3-توقيع الحكم من المحكمين:
كذلك من الشروط الشكلية التي يلزم توافرها لصحة حكم التحكيم التجاري الدولي، أن يتم توقيع الحكم من هيئة التحكيم ، حيث نص قانون التحكيم على أنه " يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن تثبت في الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية"   
فالمادة السابقة اشترطت أن يتم توقيع الحكم من المحكمين الذين اصدروا الحكم ولا يشترط توقيع جميع الهيئة بل يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن تثبت في الحكم أسباب عدم توقيع باقي المحكمين.
4-تسبيب حكم التحكيم التجاري الدولي:
يشترط لصحة الحكم الصادر في التحكيم التجاري الدولي أن يتم تسبيب الحكم الصادر، ويقصد بتسبيب الحكم بيان الحجج والأدلة الواقعية والقانونية التي اعتمد عليها المحكم في إصدار حكمه، وهذا الالتزام يعد ضمانة للخصوم من تحكم المحكمين، كما أنه يؤدي إلى احترام حقوق الدفاع وتحقيق العدالة   
هذا وقد اشترط قانون التحكيم المصري ضرورة تسبيب حكم التحكيم، حيث نص على أنه " يجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً إلا إذا اتفق طرفا التحكيم على غير ذلك أو كان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم" ()  
فالأصل وفقاً للمادة السابقة أن يتم تسبيب الحكم الصادر إلا إذا أتفق الطرفين على عدم تسبيب الحكم أو كان القانون المطبق لا يشترط التسبيب كالقانون الإنجليزي وغيرها من القوانين التي لا تشترط تسيب الحكم إلا إذا تمسك الخصوم بوجوب التسبيب
5- توافر بعض البيانات الأخرى:
إلى جانب الشروط السابق ذكرها تشترط القوانين المقارنة توافر بعض البيانات الأخرى في حكم التحكيم لكي يكون صحيحاً مثل أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم، بالإضافة إلى ذكر  تاريخ ومكان إصدار حكم التحكيم
وقد أكد قانون التحكيم المصري وجوب توافر هذه البيانات في حكم التحكيم حيث نص على أنه " يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان ذكرها واجباً"    
وتبدو أهمية تحديد المكان الذي صدر فيه الحكم، باعتباره معياراً لمعرفة حكم التحكيم الأجنبي عن الوطني، حيث تعتبر أغلب الدول حكم التحكيم أجنبياً إذا صدر خارج حدودها ، كما أن تحديد مكان الصدور يتحدد على أساسه المحكمة المختصة بطلب تنفيذه   
وعلى هذا فإن حكم التحكيم التجاري الدولي يشترط لصحته عدد من الشروط الموضوعية والشكلية والتي يجب توافرها جميعاً على نحو ما سبق، وإلا كان الحكم عرضه للطعن بالبطلان على نحو ما سيأتي.