الإرهاب الاليكتروني
بقلم المستشار المهندس / هيثم أبو زيد
عضو نادي قضاة التحكيم الدولي
مهندس اليكترونيات
الإرهاب أصبح ظاهرة تقشعر لها
الأبدان ظاهرة حوت بين جنباتها الكثير والكثير من الآلام والأوجاع لدرجة ظاهرة
استقطبت اهتمام الشعوب والحكومات في كل دول العالم ، وأصبح يمثل بجميع أشكاله
تهديدا خطرا للسلام والأمن الدوليين ، نظراً لما له من آثار وخيمة على أمن
المواطنين واستقرارهم، وعلى الإمكانات الاقتصادية والهيبة السياسية للدولة في
محيطيها الإقليمي والدولي؛ وتتجلى مظاهر هذا الاهتمام فيما تعدّه الجهات الرسمية
بالدولة من خطط استراتيجية وتكتيكية لمواجهة الإرهاب والقضاء عليه، كما تتجلى في
اهتمام المراكز العلمية والمنابر الإعلامية بتناول تلك الظاهرة عبر البحوث
والدراسات، والبرامج واللقاءات لتجلية أبعادها وآثارها وتبيان ما يستخدم فيها من
وسائل وأساليب وأدوات، وما يستحدثه الإرهابيون في هذا الشأن. كما وأن الإنتربول
صنف مكافحة الإرهاب كمجال إجرام ذي أولوية وخصص موارد هامة لإسناد البلدان الأعضاء
في جهودها المبذولة لمكافحته ومع ظهر شبكة الإنترنت التي تعتبر من أحدوثا العصر بل
من أعجوبته حيث أصبح وسيلة اتصال والتقاء وباباً للفائدة وتلقي المعلومة إلى درجة
أن أصبح شيئاً من ضرورات الحياة البشرية كونه يختصر المسافات ويسهل الوصول
للمعلومات، ازداد وجه الإرهاب قبحاً عما كان عليه في ألماضي وظهر على الساحة نوع جديد يعتبر من أسهل أنواع ألإرهاب وهو الإرهاب
الإلكتروني.
تعريف الإرهاب الإلكتروني :-*
الإرهاب يعني في اللغة الإخافة
والتفزيع والترويع أما اصطلاحا فلقد تعددت تعار يف الإرهاب واختلفت وتباينت في
شأنه الاجتهادات, ولم يصل المجتمع الدولي حتى الآن إلى تعريف جامع مانع متفق عليه
للإرهاب؛ ويرجع ذلك إلى تنوع أشكاله ومظاهره, وتعدد أساليبه وأنماطه, واختلاف
وجهات النظر الدولية والاتجاهات السياسية حوله, وتباين العقائد والأيديولوجيات
التي تعتنقنها الدول تجاهه, فما يراه البعض إرهاباً يراه الآخر عملاً مشروعاً.. ففي
قانون مكافحة الإرهاب ..
عرف الإرهاب بأنه كل فعل من أفعال
العنف أو التهديد به يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ولغرض إرهابي ، ويكون
الغارض إرهابيا إذا كان يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو
تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم أو أغراضهم أو حقوقهم للخطر ، أو إلحاق الضرر
بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو الاستيلاء عليها أو تعريض
أحد الموارد الوطنية للخطر ، أو تهديد الاستقرار أو السلامة الإقليمية أو وحدتها
السياسية أو سيادتها أو منع أو عرقلة سلطاتها العامة عن ممارسة أعمالها أو تعطيل
تطبيق أحكام النظام الأساسي للدولة أو القوانين أو اللوائح.
**في حين نجد أن مجمع البحوث
الإسلامية بالأزهر يعرف الإرهاب بأنه:-
ترويع الآمنين، وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم، والاعتداء على أموالهم
وأعراضهم وحرياتهم، وكرامتهم الإنسانية، بغياً وإفساداً في الأرض.
أما مجمع الفقه الإسلامي التابع
لرابطة العالم الإسلامي فذهب في تعريفه الإرهاب إلي بأنه.
العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات
أو دول بغياً على الإنسان في دينه ودمه وعقله وماله وعرضه،
كما عرفت الاتفاقية الدولية لمكافحة
الإرهاب في جنيف عام 1937م الإرهاب بأنه...:
الأفعال الإجرامية الموجهة ضد إحدى
الدول, والتي يكون هدفها أو من شأنها إثارة الفزع أو الرعب لدى شخصيات معينة أو
جماعات من الناس أو لدى العامة.
هذا بالنسبة لتعريف الإرهاب بصورة
عامة أما بالنسبة لمصطلح
"الإرهاب الالكتروني..
الذي ظهر وشاع استخدامه عقب الطفرة الكبيرة التي
حققتها تكنولوجيا المعلومات واستخدامات الحواسب الآلية والإنترنت تحديداً في إدارة
معظم الأنشطة الحياتية.
وهو الأمر الذي دعا اكثر الدول إلى التوقيع على "الاتفاقية
الدولية الأولى لمكافحة الإجرام عبر الإنترنت"، في بودابست، عام 2001، والذي
يعد وبحق من أخطر أنواع الجرائم التي ترتكب عبر شبكة الإنترنت ويتضح هذا جليا من
خلال النظر إلى فداحة الخسائر التي يمكن أن تسببها عملية ناجحة واحدة تندرج تحت
مفهومه. فإنه يمكننا تعريفه
" بأنه "هجمات غير مشروعه
أو تهديدات بهجمات ضد الحاسبات أو الشبكات أو المعلومات المخزنة الكترونيا توجه من
أجل الانتقام أو ابتزاز أو إجبار أو التأثير في الحكومات أو الشعوب أو المجتمع
ألدولي
لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو
اجتماعية معينة. وبالتالي فلكي ينعت شخصا ما بأنه إرهابياً على الإنترنت، وليس فقط
مخترقاً، فلا بد وأن تؤدي الهجمات التي يشنها إلى عنف ضد الأشخاص أو الممتلكات، أو
على الأقل تحدث أذى كافياً من أجل نشر الخوف والرعب". فالإرهاب الإلكتروني
يعتمد على استخدام الإمكانيات العلمية والتقنية, واستغلال وسائل الاتصال والشبكات
المعلوماتية, من أجل تخويف وترويع الآخرين, وإلحاق الضرر بهم, أو تهديدهم..
والإرهاب والإنترنت مرتبطان بطريقتين
:
الأولي .ممارسة الأعمال التخريبية لشبكات
الحاسوب والإنترنت .
والثانية. أن الإنترنت أصبحت منبرا
للجماعات والأفراد لنشر رسائل الكراهية والعنف وللاتصال ببعضهم البعض وبمؤيديهم
والمتعاطفين معهم..ويقسم الى..
القسم الأول . الأعمال التخريبية
لشبكات الحاسوب والإنترنت.*
وهي عبارة عن هجمات تستهدف شبكات الحاسوب
والإنترنت سواء كانت عسكرية أو إقتصادية أو أمنية وغيرها ، من شأنها فما لو تمت
تهديد الأمن القومي أو العسكري أو الإقتصادي لدولة ما أو لعدة دول . فمن الممكن
على سبيل المثال اختراق صفحة إلكترونية لمستشفى وتهديد حياة المرضى فيه عن طريق
التلاعب بأنظمة العلاج، أو تهديد الاقتصاد الدولي من خلال اقتحام مواقع البورصة
العالمية، أو حتى اختراق برامج الاتصالات في مطار دولي، وتعطيل رحلاته وعمل ربكة
كبيرة للمسافرين والملاحين. والأخطر من ذلك التسلل الإلكتروني إلى الأنظمة الأمنية
في دولة ما وشلها لصالح جماعات إرهابية. اليوم الذي يتزايد الاعتماد فيه على
الحاسب الآلي بكل تعقيداته. وكل ما يحتاجه الإرهابي ذو الخبرة الاحترافية في هذا
المجال الحيوي والمعقد هو جهاز حاسب آلي واتصال بشبكة الإنترنت، ومن ثم القيام
بأعمال تخريبية وهو آمن في مقره، بنقرات بسيطة على لوحة المفاتيح، ودون أن يترك
أثرا ، وغالبا ما تتم هذه الأعمال التخريبية بهدف تحقيق أغراض دينية أو سياسية أو
فكرية أو عرقية .
*القسم الثاني : استخدام شبكة
الإنترنت من قبل المنظمات الإرهابية
شبكة الإنترنت عالم شديد النمو سريع
التطور ونتيجة لذلك فقد تغيرت النظرة على الإرهاب الإلكتروني التي كانت منحصرة في
الأعمال التخريبية .وأصبحت تشمل أنشطة أكثرة خطورة تمثلت وكما يشر أحد الباحثين المتخصصين
في الاستخدام اليومي للانترنت من قبل المنظمات الإرهابية لتنظيم وتنسيق عملياتهم
المتفرقة والمنتشرة حول العالم.
فالوجود الإرهابي النشط على الشبكة
العنكبوتية هو متفرق ومتنوع ومراوغ بصورة كبيرة، ، فإذا ظهر موقع إرهابي اليوم،
فسرعان ما يغير نمطه الإلكتروني، ثم يختفي ليظهر مرة بشكل جديد وعنوان إلكتروني
جديد بعد فترة قصيرة ، والمواقع الإلكترونية لتلك المنظمات لا تخاطب أعوانها
ومموليها فحسب بل توجه رسالاتها أيضاً للإعلام والجمهور الخاص بالمجتمعات التي
تقوم بترويعها وإرهابها، وذلك بهدف شن حملات نفسية ضد الدول العدوة ، فهي تعرض
أفلاما مرعبة للرهائن والأسري أثناء إعدامهم ، في نفس الوقت يدعي الإرهابيون أنهم
أصحاب قضايا نبيلة، ويشتكون من سوء المعاملة من قبل الآخرين..
القضاء على الإرهاب الإلكتروني:-*
نظراً للتطور الرهيب والمتنامي في
مجال الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات فإن الإرهابيين سوف يكونون أكثر اعتماداً على
تكنولوجيا الاتصالات الالكترونية في المستقبل، ، وسوف يصبح الإرهاب أكثر تعقيدأ
وخطورة، فلا يجب البتة المبالغة في حجم الأخطار الحالية حتى يتسنى مواجهة تلك
التحديات بشيء من الروية وحسن التصرف. وكما يستطيع الإرهابيون استخدام تلك الشبكة
بكفاءة، كذلك يستطيع صانعو السلام، استخدام الانترنت لمجابهتهم، والمقصود هو نشر
الأفكار السامية والمتحضرة التي تدعو إلى السلام والمحبة والتعايش السلمي بين
الحضارات المختلفة، وبالتالي تطغي تلك المواقع الصالحة على السموم التي تنشرها المواقع
الإلكترونية الإرهابية، تلك الأنشطة التي تدعم الدبلوماسية وإدارة الأزمات
السياسية بالطرق السلمية عبر الشبكة العالمية للانترنت، كما أنه لا بد وأن تسعي
الدول والحكومات إلى فرض الرقابة الكافية على كل ما يقدم من خلال الشبكة لمنع
الدخول على بعض المواقع التي تبث الفكر الإرهابي .
أما بالنسبة للقسم الأول من الإرهاب
الإلكتروني فإنه لا شك أن مطوري تكنولوجيا المعلومات وخبراء الإنترنت مطالبون
بملاحقة أنشطتهم التوسعية بأنشطة حماية وسد ثغرات لحماية هذا الفضاء الحيوي من أن
يصبح ساحة إرهاب دامية. ويجب أن يهتم المجتمع الدولي بإبرام اتفاقيات تقنن
التشريعات اللازمة لمكافحة تلك الجرائم، وتنظم الجهود الدولية لمحاربتها، بما في
ذلك بحث إنشاء "نظام للإنذار المبكر من الهجمات الإلكترونية"، وتطوير
برامج آمنة، وزيادة وعي المسؤولين التنفيذيين والعملاء بالحاجة إلى إجراءات أمنية
أفضل...
ويجب تطوير قدرة الشركات والمنظمات
والحكومات على التصدي للتهديدات الإلكترونية، وتوفير التقنيات اللازمة لمواجهتها،
عبر تطوير أمن شبكات الحاسب باستخدام أنظمة التشفير المتقدمة و"الجدران
النارية" في الشبكات، وأنظمة اكتشاف المخترقين عالية الدقة، والبرامج المضادة
للفيروسات كما وأن إنشاء إدارات لمكافحة "الإرهاب الإلكتروني" .