أفلا يحق لنا أن نستنكر وننكر ؟؟؟؟
بقلم المستشارة الدكتورة / حنان خطايبي
عضو نادي قضاة التحكيم الدولي ـ المغرب
د .العلوم السياسية والقانونية والشؤون الاستراتيجية
إن من نظر إلى تاريخ داعش وكأنه بدأ من لحظة دخولها سوريا يكون في غاية السذاجة، إن لداعش تاريخا طويلا في العراق مليئا بالسواد، وكلما تقدم بها السن زاد ظلمها وبغيها، إذ إنها في نشأتها أصلا لم تشهد ولادة طبيعية ففحلها الزرقاوي عُرف بقسوته وغلظته ، ولما نصحه شيخه المقدسي بأن يتروى ويتأنى في القتل ولا يستهدف الأبرياء كان الرد الصاعق عليه :" أنت تدق إسفين الفتنة بين المجاهدين" . تماما كما يردد هذا اليوم دراويش الجهاد للناصحين والمحذرين .. بل استاء منه الظواهري وابن لادن كما في وثائق بوت أباد وكما ذكره عبد الباري عطوان في كتابه "القاعدة التنظيم السري" ثم جاء من بعده من القساة حتى انتهينا إلى عصر البغدادي .. العصر الذي تضافر فيه الكتاب والمشايخ الجهاديون على أن هذه الدولة مخترقة وباغية وأنها في أحسن أحوالها مشكوك في أمرها !!
ولما دخلت داعش سوريا تخّوفنا مما ستفعله من خلط للأوراق وقتل للظالمين والأبرياء معا ! فكان كل ما حذرنا !
فرأينا سجونها وقتلها ورفضها المحكمة الشرعية المشتركة مع كافة الفصائل ورأينا نزق غلاتها من تكفير وتخوين وفرض للدولة على هذا الشعب المسكين، ورأينا حواجزها التي نصبتها للناس فصاروا يفرون منها كما يفرون من حواجز النظام السوري !!
نعم هذا هو اجابة السؤال لماذا انتفض الشعب السوري على داعش ؟
إن الضرر الذي لحق داعش من انتفاضة الشعب عليها جراء فرض وصايتها عليه له سببان : ظلمها للأبرياء ، وظلمها للظالمين !
بمعنى أن يدها طالت كل أحد ومفخخاتها استهدفت الجميع ! فكان أول تنظيم أحمق يخسر الأصدقاء والأعداء في آن معا، فتحرشت بأحرار الشام وقتلت منهم ومثّلت، وما حادثة الدكتور أبي ريان عنا ببعيد ! حتى صار مضرب المثل بعد حمزة الخطيب ، نعم كان تمثيل المجرمين في داعش بهذا الدكتور القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير ،، وأطبق الناس على هذا السؤال لما رأوا جثته ممزقة : بأي دين وبأي حق يُفعل به هذا ؟؟؟؟؟؟؟
إن معالجة الفكر الداعشي من غير معالجة لفكر القاعدة تبدو هباء منثورا ، نعم داعش جاوزت القاعدة ، ولكن القاعدة تمثل بيئة خصبة لنشوء داعش أخرى ، حيث الانفلات في التكفير ، والتخوين
إن فكر الجولاني وطرحه يعد سابقة في فكر هذا التنظيم ونقلة نوعية ، فبدأنا نسمع عن المنع من الخوض في تكفير المسلمين ، وعن الحاضنة الشعبية ، وعن التلطف مع الناس ، وعن ضرورة العمل مع الفصائل الأخرى إلى غير ذلك .. حتى خطاب الظواهري بدا أكثر عقلانية وحكمة ، ولكن عندما تعلم أن نصف الجبهة تحولت إلى داعش وانضمت إليها يصيبك إحباط ويؤكد لك ضرورة معالجة هذا الفكر الذي فصل الجهاد عن علماء الأمة ومفكريها وكِبارها وجعل نفسه بمعزل عنها .
ومن المفارقات العجيبة أن القحطاني وهو الآن شرعي في داعش كان في جبهة النصرة فحصل أن عوقب وسُحب منه السلاح جراء انفلاته التكفيري ، نعم كانت قيادة الجبهة ربما كاتمة على نفَس هذا الفكر حتى جاءتهم داعش فأنقذتهم وفتحت لهم المجال الرحب ليكفروا من شاؤوا !!
وهاهي اليوم داعش تجهز شبابها الأغرار للانتحار والتفجير في وجه من يقف في طريقها مسلما كان أو غيره ..
ودعنا نسأل مرة أخرى لماذا؟ إن الشعب السوري يشعر بالحياء والخجل عندما يشاهد مهاجرا جاء من أقصى الأرض ليدافع عن عرضه ويحمي دينه وأرضه ، وكان هذا الشعور مستمرا –باستثناء حالات فردية- حتى جاءت داعش فنصبت التونسي والمصري والمهاجر على الحواجز يفتش الناس ويحقق معهم وأحيانا يهينهم وربما يقتل .. فتبدل شعور الحب والولاء إلى البغض والعداء ، بل تضاعف كثيرا ، فقد يقبل السوري أن يهينه سوري آخر ولكن يجيء مهاجر ويهينه ! هنا كانت النقمة وهنا تصيد المنافقون في الماء العكر ، وشتموا الجهاد وأهله والدين .. فما جنينا من داعش ؟
ولا أقول إن كل من يقاتل داعش شريف ! بل منهم لص معروف باللصوصية استمثر هذه الفرصة لينقض على داعش ، وربما سينقض هذا اللص غدا على كل مهاجر ومجاهد، فاليوم داعش وربما غدا أحرار الشام والجبهة الإسلامية والنصرة وكل من يقاتل لإعلاء كلمة الله حسب زعمهم ، فمن فتح باب الشر عليهم سوى داعش ؟ من قطع يد أقرب الناس إليه وتحرش بالإسلاميين قبل العلمانيين أو العامة من الجيش الحر ؟ ومن تعجل المراحل بل كان يستهزئ بمن يدعو للتدرج قائلا : هذا فقه المستضعفين .
إذا كان مشروع داعش يشوه الجهاد والإسلام ويستبيح الدماء والأموال وكل ذلك باسم الدين .. أفلا يحق لنا أن نستنكر وننكر ؟
أين الجهاديون الذين صدعوا رؤوسنا بالحديث عن طواغيت العرب ، فلما جاءهم طاغوت من عند أنفسهم صمتوا واستكانوا وأصبحوا كالجامية المدخلية يحذرون من الفتنة والدخول فيها والكلام على ولي الأمر !
أين الظواهري من جرائم داعش ؟ كيف يكون حديثه عن فساد حكام المسلمين والعرب مصلحة ولا يكون الحديث عن فساد البغدادي مصلحة مثلها وقد ثبتت لديه جرائمهم بالأدلة اليقينية المتواترة؟
أين تنديدكم بسايكس بيكو من تنديدكم بداعش بيكو ؟
كنا نحذر من داعش وتزعمون أنا نطعن \"بالمجاهدين\" كذبتم ورب البيت ! أهؤلاء مجاهدون أم قطاع طرق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إن الشعب السوري له فضل ومنة حيث ثار على هذا النظام العاتي فلا يحق لأحد أن يفرض عليه وصايته ويلزمه ببيعة مجهول -لا نعرف دينه- يقال له البغدادي !!!