( التنظيم التشريعي للتحكيم فى مصر )
اعداد مستشارمتخصص / احمد بلتاجي
عضو نادي قضاة التحكيم الدولي
تناول المشرع المصرى أمر التحكيم منذ عشرات السنين ، حيث تتجلى عراقة البنية القانونية فى مصر ، عندما يثير الواقع أمرا له أهميته فى التنظيم القانوني ، فياتى المشرع المصرى فعال هذا المر حتى يمكنه التماس مع التطور السريع الذى يطرأء فى مجال العلاقات بين الأفراد سواء فى الداخل أو الخارج ، وهكذا كان الحال فى قضية التنظيم القانونى للتحكيم ، فبالرغم من أن تصاعد أهميته على المستوى الدولى لم يتدرج إلا بعد الحرب العالمية الثانية .
وعندما لاحظت الأمم المتحدة تصاعد أهمية التحكيم كأسلوب ملائم لحل النزاعات التى تنشأ بين الكيانات الاقتصادية الكبيرة بين الدول ، فقد قررت فى دورتها الرابعة عشر لسنة 1981 أن تعد مشروع قانون نموذجى للتحكيم التجارى الدولى يحظى بقبول عام من مختلف التنظيمات القانونية في العالم .
وفي سبتمبر من عام 1985 ، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القانون النموذجى ، وقد سارعت كثير من الدول بتعديل قوانينها وتحديثها ، وقد أخذت هذه الدول من القانون النموذجى القدر الكافى الذى يتلاءم مع نظمها .
ففى عام 1986 شكلت لجنة بقرار من وزير العدل لإعداد مشروع قانون جديد للتحكيم التجارى الدولى ، وظلت هذه اللجنة فى عملها وما تلاها من لجان ، حتى صار المشرع فى طريقه إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب حتى صدر القانون 27لسنة 1994 وأصبح نافذا منذ 22 مايو 1994 ، ثم تدخل المشرع عقب ذلك بالقانون رقم 9 لسنة 1997 بتعديل المادة الأولى من قانون التحكيم وذلك لحسم الخلاف الذى طالما ثار بشأن مدى جواز الاتفاق على التحكيم فى العقود الإدارية ، والذى انتهى بجواز التحكيم فى العقود الإدارية بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص إلاعتبارية العامة ، ومن بعد ذلك تابعت المحكمة الدستورية عملها تصديها فى الحكم فى دستور عدد من مواد هذا القانون ومنها قضائها بالحكم بعد دستور المادة 19 والمادة 3/ 58 من هذا القانون .
ومن كل ما تقدم يتضح لنا كيف تأثرت القوانين المتعاقبة بشأن التحكيم على الظروف المحيطة به شدا وجنب تبعا لمدى تطور الحاجة إليه لتنشيط التجارة الخارجية والداخلية ولزيادة الاستثمار داخل البلاد .
وعلى صعيد القضاء الإداري فقد وقف مجلس الدولة الفرنسى موقفا مشددا تجاه التحكيم ، إذ قضى بعدم جواز التحكيم في المنازعات التى تتعلق بمرفق عام ، حتى ولو لم تكن ذات طبيعة إدارية ، إلا أن الضرورات الاقتصادية ، والرغبة فى جذب الاستثمارات إلى تدخل المشرع الفرنسى فى عام 1986 بسبب إصرار الشركة الفرنسية قانون في 19 أغسطس 1986 أجازت فية للدولة والمؤسسات العامة أن تقبل شرط التحكيم فى العقود الدولية المبرمة مع الشركات الأجنبية بشرط أن يكون العقد دوليا وان يكون ذات نفع عام ، وأن يتم الحصول على مرسوم من مجلس الوزراء يفيد الموافقة على تضمين العقد شرط التحكيم