سلطة المحكمة الدستورية العليا فى فرض الضمانات القضائية والمساواة فى مجال التحكيم
اعداد المستشار / احمد بلتاجي عضو النادي
فرضت المحكمة الدستورية العليا فى مصر الضمنات القضائية والمساواة بشأن التحكيم وسوف نعرض هذا الموضوع من خلال أحكام المحكمة الدستورية بشأن هذه الضمنات وذلك على التفصيل التالي :
اولا : الضمنات القضائية التي حددتها المحكمة الدستورية العليا الخاصة بحياد المحكم :
اثناء نظر المحكمة الدستورية أحد القضايا بشأن رد أحد المحكمين والفصل فى طلب الرد أكدت على أن " ضمانة الحيدة فى خصومة رد المحكم هي من ضمانات التقاضي الأساسية التي لا غنى عنها بالنسبة الى كل عمل قضائي ليغدو الحق فى رد المحاكم قرين الحق فى رد القاضي " كما أن ضمانة الفصل انصافا فى المنازعات على اختلافها وفق المادة (67) من الدستور تمتد بالضرورة الى كل خصومة قضائية أيا كانت طبيعة موضوعها " .
وقد انتهت المحكمة فى هذه الدعوى الى أنه " لا يجوز أن يكون العمل القضائي فى التحكيم موطئا لشبهة تداخل تجرده وتثيره ظلالا قائمة حول حيدته , فلا يطمئن اليه متقاضون استرابوا فيه بعد أن صار نائيا عن القيم الرفيعة للوظيفة القضائية , وانتهت المحكمة الى أنه لا يجوز للمحكم الذي طلب رده أن يشترك فى الفصل فى طلب الرد " (1) .
أيضا أكدت المحكمة الدستورية العليا فى النمسا فى حكمها الصادر فى الثالث عشر أكتوبر سنة 1978 على اعمال قواعد الحياد والاستقلال فى سلطة تعين المحكمين (2) .
وأيضا قضت المحكمة الدستورية العليا فى حكم لها فى مصر ببطلان الحرمان من التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم وجاء فى أسباب حكمها " أن الناس لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ الى قاضيهم الطبيعي ـ عدم تمايزهم كذلك فى نطاق القواعد الاجرائية والموضوعية التي تحكم الخصومة أو فى طرق الطعن ـ وأن الحرمان من مكنة التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكم المحكمين مع منح الطرف الذي يتقدم بطلب التنفيذ الحق فى التظلم من رفضه دون أن يستند هذا التميز الى أسس موضوعية مؤداه " الاخلال بمبدأ المساواة وحق التقاضي " وأن مبدأ " المساواة يمثل ركيزة أساسية للحقوق والحريات ـ غايته صون الحقوق والحريات فى مواجهة صور التميز ـ لا يقتصر مجال اعماله على ما كفله الدستور من حقوق بل يمتد كذلك الى تلك التي يقررها القانون " (3) .
ثانيا : فرض المحكمة الدستورية العليا لمبدأ المساواة وعدم التميز بين طرفي الخصومة التحكيمية :
لقد كانت المادة (58/3) من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 تنص على أنه " ولا يجوز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم أما الأمر الصادر برفض التنفيذ فيجوز التظلم منه الى المحكمة المختصة " .
2 ـ أن اتفاق التحكيم يتم بالتنازل الحر عن ضمانة الالتجاء للقضاء .
كذلك فقد فرضت اللجنة الأوربية لحقوق الانسان تطبيق الضمانات القضائية وحقوق الدفاع فى القضايا التحكيمية وان كانت قراراتها لم تحط بالاهتمام الواجب بالتعليق عليها , فقد قضت سنة 1962 تأسيسا على المادة (6) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الانسان بأن التحكيم يقوم على حرية الارادة وأنه لا يجوز ابرام التحكيم تحت أي ضغط .
كما أكدت على هذا المفهوم سنة 1982 وأكدت كذلك فى أحد أهم أحكامها الصادرة فى 2 ديسمبر سنة 1991 على ضرورة اعمال رقابة محاكم الدولة على التحكيم لضمان توافر الضمنات القضائية وأرست فى هذا الحكم المبادئ الاتية :
1 ـ أن التحكيم هو نتاج مبدأ سلطان الارادة .
(4) حكم لجنة حقوق الانسان الصادر فى الثاني ديسمبر سنة 1991 ـ مجلة التحكيم العربي ـ العدد الحادي عشر ـ يونيو 2008 ـ ص 15
3 ـ أن التزام الدولة باعطاء الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم هو من أهم التزاماتها وذلك بعد التحقيق من أن المحكمين قد اتبعوا مبادئ العدالة والانصاف مع حماية حق كل طرف أن يبدى وجهة نظره (4) .
(1) حكم محكمة دستورية العليا ـ فى القضية رقم 84 ـ لسنة 19 دستورية ـ منشور فى مجلة التحكيم العربي ـ العدد الحادي عشر ـ ص 14 .
(2) مجلة التحكيم العربي ـ العدد الحادي عشر ـ يونيو 2008 ـ ص 14 .
(3) مجلة التحكيم العربي ـ العدد الحادي والعشرين ـ يونيو 2008 ـ ص 14 .